وأما الأمين فإنه تشاغل باللهو واللعب، وبنى ميدانا حول قصر المنصور للصوالجة، وعمل خمس حراقات في دجلة على خلقة: الأسد، والفيل، والعقاب، والفرس، والحية. وأمر لبعض من أنشده بثلاثمائة ألف دينار، وأوقر لشاعر أنشده ثلاثة أبغل دراهم.
قال الصولي: حدثني أحمد بن يزيد المهلبي، عن أَبِيهِ قَالَ: لما ولي الأمين الخلافة استبطأ الناس جلوسه، وقالوا: تشاغل باللهو. فجلس، وأمضى الأمور، وقال:
أتراني لا أعرف الإصدار والإيراد، ولكن شرب كأس، وسم آس، والاستلقاء من غير نعاس أحب إلي من مداراة النَّاسَ.
وفي هذه السنة: دخل هرثمة حائط سمرقند، ولجأ رافع إلى المدينة الداخلة، وراسل رافع التُّرْكُ فوافوه، فصار هرثمة هو ورافع والترك، ثم انصرف هرثمة إلى الترك، وضعف رافع [١] .
وفيها: قتل نقفور ملك الروم في حرب برحان، / وكان ملكه سبع [٢] سنين، وملك بعده ابنه استبراق [٣]- وكان مجروحا [٤]- شهرين ومات، وملك ميخائيل ختنه على أخته [٥] .
وأقر الأمين أخاه القاسم على ولايته التي ولاه الرشيد من عمل الجزيرة وقنّسرين والثغور، ثم صرفه عن الجزيرة في هذه السنة، واستعمل عليها خزيمة بن خازم [٦] .
وفي ذي القعدة: توفي إسماعيل بن علية، وكان على المظالم، فولى الأمين
[١] تاريخ الطبري ٨/ ٣٧٣. [٢] في الطبري: «سبع» . وفي إحدى نسخ الطبري: «تسع» . وفي الكامل: «سبع» . [٣] في الأصل: «استبرق» . [٤] في الأصل: «مجروح» ، وهو خطأ. [٥] تاريخ الطبري ٨/ ٣٧٣. والكامل ٥/ ٣٦٢. [٦] تاريخ الطبري ٨/ ٣٧٣. والكامل ٥/ ٣٦٢.