"نعم". فحَبَسَ أبو بكرٍ نفسَهُ على رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا
عندَهُ ورَقَ السَّمُرِ- وهو الخَبَطُ- أربعَةَ أشْهُرٍ.
قالتْ عائشةُ: فبَيْنَما نحنُ يوماً جلوسٌ في بيتِ أبي بكرٍ في نَحْرِ الظَّهيرةِ (وفي روايةٍ: لَقَلَّ يومٌ كانَ يأتي على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلَاّ يأْتي فيهِ بيتَ أبي بكرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهارِ، فلما أُذِنَ له بالخروجِ إلى المدينةِ؛ لمْ يَرُعْنا إلا وقدْ أُتانا ظُهراً، فَ ٢/ ٢٣ - ٢٤) قالَ قائلٌ لأبي بكرٍ: هذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[مُقبلاً]، مُتَقَنِّعاً في ساعةٍ لمْ يَكُنْ يأْتينا فيها، فقالَ أبو بكرٍ: فداءٌ له أبي وأُمي، واللهِ ما جاءَ بهِ في هذهِ الساعةِ إلَاّ أمرٌ [حَدَثَ]. قالتْ: فجاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَأذَنَ، فأذِنَ لهُ، فدَخَلَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[حينَ دَخَلَ] لأبي بكرٍ: "أخْرِجْ مَن عندَكَ". فقالَ أبو بكرٍ: [يا رسولَ اللهِ!، إنَّما هُم أهلُكَ (وفي روايةٍ: إنَّما هُما ابْنَتَايَ. يعني: عائشةَ وأسماءَ) بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ! قالَ: "فإنِّي (وفي روايةٍ: أَشعَرْتَ أَنَّهُ) قدْ أُذِنَ لي في الخُروجِ؟ ". فقالَ أبو بكرٍ: الصَّحابَةَ (وفي روايةٍ: الصُّحْبَةَ) بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نعمْ". قالَ أبو بكرٍ: فخُذْ بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ! إحدى راحِلَتَىَّ هاتينِ، [قدْ كُنْتُ أعْدَدْتُهما للخُروجِ]. قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
" [قدْ أخَذْتُها] بالثَّمَنِ"، [فأعْطَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إحداهما، وهي الجَدْعاءُ](٥٩).
(٥٩) خفيت هذه الزيادة على الحافظ، فعزاها لابن حبان! وهي عنده (٦٢٤٦ - الإحسان) في رواية. (٦٠) أي: أسرعه. و (الجهاز) بفح الجيم وكسرها: ما يحتاج إليه في السفر ونحوه.