الحياة الدنيا"، (وفي روايةٍ: فبكيتُ، فقالَ: "ما يبكيكَ؟! "، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! إنَّ كسرى وقيصرَ فيما هما فيه، وأنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -!؟ فقالَ: "أما ترضى أن تكونَ لهم الدنيا ولنا الآخرةُ؟! ")، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! استغفر لي.
فاعتزَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[نساءَه] من أجلِ ذلك الحديثِ حين أفْشَتْهُ حفصةُ إلى عائشةَ [تسعاً وعشرين ليلةً]، وكان قد قالَ: "ما أنا بداخلٍ عليهنَّ شهراً"، مِن شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهِنَّ حين عاتَبَهُ الله، فلما مضت تسعٌ وعشرون، دَخَلَ على عائشةَ، فبدأ بها، فقالت له عائشةُ:[يا رسولَ الله!] إنَّك [كنت] أقسمتَ أن لا تَدْخُلَ علينا شهراً، وإنَّا أصبحنا لتسعٍ وعشرينَ ليلةً، أعُدُّها عَدّاً، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"الشهرُ تسعٌ وعشرونَ"، وكان ذلك الشهرُ تسعٌ وعشرون (١٧). قالت عائشة:
فأُنْزِلَتْ آية التَّخييرِ، فبدأ بي أوَّلَ امرأةٍ [من نسائِهِ]، فقالَ:
"إنِّي ذاكرٌ لكِ أمراً، ولا عليكِ أنْ لا تَعْجَلي، حتى تستأمِري أبويكِ"،
قالت: قد أعلمُ أنَّ أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقِهِ، ثم قالَ:
"إنَّ الله [جلَّ ثناؤه]، قالَ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} ..... إلي قوله:
{عَظِيمًا}". قلتُ: أفي هذا أستأمِرُ أبويَّ؟! فإني أريدُ الله ورسولَهُ والدارَ الآخرةَ، [فاخترتُه]، ثمَّ خيَّرَ نساءَهُ [كُلهنَّ]، فقلنَ مثلَ ما قالت عائشة.
٢٧ - بابُ من عَقَلَ بعيرَهُ على البَلاطِ (١٨) أو بابِ المسجدِ
(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم "٣٤ - البيوع/ ٣٤ - باب/ رقم الحديث ٩٩٠").
(١٧) هكذا بهذا الضبط، وفي روايةٍ: تسعاً وعشرين بالنصب. (١٨) البلاط: الحجارة المفروشة.