وغنماً، قالَ: وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أُخرَياتِ القومِ، فعَجَلوا، وذَبَحوا، ونَصبوا القُدورَ، [فدُفِعَ إليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، فأمرَ بالقُدورِ؛ فأُكْفِئَتْ (٨)، ثم قَسَمَ، فعَدَلَ عشرةً من الغَنَمِ ببعيرٍ، فنَدَّ (٩) منها بعيرٌ [من أوائلِ القومِ]، فطلبوهُ، فأعياهُم، وكانَ في القومِ خيلٌ يسيرةٌ، [فطلبوهُ، فأعياهم ٤/ ٣٧]، فأهوى [إليهِ] رجلٌ منهم بسهمٍ، فحبَسَهُ الله، ثمَّ قالَ:
"إنَّ لهذه البهائمِ أوابدَ (١٠) كأوابدِ الوحش، فما غَلَبَكُم منها (وفي روايةٍ: فما نَدَّ عليكُم)؛ فاصنَعوا به هكذا". فقال رافعٌ: إنَّا نرجو أو نخاف [أن نلقى] العدوَّ غداً (وفي روايةٍ: إنا نكون في المغازي والأسفار، فنريدُ أن نذبَحَ)، وليست معنا مُدىً أفَنَذْبَحُ بالقصَبِ؟ قال:
" [اعْجَلْ أو أرْني](١١) ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِر اسمُ اللُهِ عليهِ؛ فكُلوهُ ليس السِّنَّ والظُّفرَ، وسأُحدِّثُكُم عن ذلك، أما السِّنُّ؛ فعظمٌ، وأما الظُّفرُ؛ فمُدى الحَبَشةِ".
= تهامة إلى البحر، و (جدة) و (المدينة) لا تهامية ولا نجدية. ويقال: إن (مكة) من (تهامة)، كما أن (المدينة) من (نجد). كذا في "شرح القاموس". وذُكر في مادة (حلف) أن "ذو الحليفة" في هذا الحديث موضع بين (حاذة) و (ذات عرق)، فهو غير "ذو الحليفة" ميقات أهل المدينة، وذلك مما أفادته زيادة [من تهامة]. (٨) أي: أميلَت ليفرغ ما فيها. يقالُ: كفأتُ الإناء وأكفأته إذا أملته، وإنما أكفئت لأن الأكل منها قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب، وهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام كما في الشارح. (٩) أي: هرب. (١٠) أوابد: أي: نوافر وشوارد، وقوله: "مدى" جمع مدية مثلث الميم: سكين. (١١) ليست الياء ياء إضافة، بل لإشباع كسرة النون، ولأبي ذر (أرِنْ) بكسر الراء، وسكون النون، وهي بمعنى (اعجل)، أي: اعجل ذبحها لئلا تموت خنقاً، فإن الذبح إذا كان بغير حديد احتاج الذابح إلى خفة يد وسرعة.