فإِنَّهُ الآنَ واللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَفْسِي، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"الآن يا عُمَرُ! ".
٢٥٤٦ - عنْ أَبي حُميْد السَّاعِديِّ: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتعملَ عاملاً [من الأسْد (وفي روايةٍ: الأزْد ٤/ ١٣٦) على صدقاتِ بني سُليم، يدعى ابنَ اللُّتْبيَّة ٢/ ١٣٧ (وفي روايةٍ: ابن الأتَبيَّة)] فجاءَهُ العَامِلُ حينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِه [وحاسَبَه ٨/ ١٢١]، فقال: يا رسُولَ الله! هذا لكُمْ، وهذا أُهْديَ لي، فقال لهُ:
"أفَلا قَعَدْتَ في بيْتِ أَبيكَ وأُمِّكَ فنَظَرْتَ (٢) أيُهْدَى لك أم لا [إن كنت صادقاً؟! ٨/ ٦٦]، ثُم قام رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، [فخطب الناس ٨/ ١٢١]، فتَشَهَّدَ، وأَثْنَى على الله بِما هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قال:
"أمّا بَعْدُ؛ فما بالُ العامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ [على أمورٍ مما وَلاني الله]، فيأتينا فيَقولُ: هَذا مِنْ عَمَلِكُم، وهذا أُهْدِيَ لي؟ أَفَلا قَعَدَ في بيْتِ أبيهِ وأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدى لَهُ أمْ لا؟ فوَالذي نَفْسُ مُحمّدٍ بِيَدِه، لا يَغُلُّ (٣) أَحدُكُمْ مِنها شيئاً [بغير حقه] إلا جاء بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ يَحْمِلُهُ على عُنُقِهِ، إنْ كانَ بعيراً جاءَ بِهِ لَهُ رُغاءٌ (٤)، وإنْ كانَتْ بَقَرةً جاء بها لها خُوارٌ، (وفي روايةٍ: جؤار ٨/ ١١٥) وإنْ كانَتْ شاةً جاءَ بِها تَيْعَرُ، [اللهم] فقد بلَّغْتُ [اللهم هل بلغت (ثلاثاً)] ". فقالَ أبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ حتّى إنَّا لنَنْظُرُ إلى عُفْرَةِ إبْطَيْهِ (٥). قالَ أبُو حُمَيْدٍ: [بصر
(٢) قوله: (فنظرت) ضبط في الأصل المطبوع بضم التاء. والصواب ما هاهنا. اهـ مصححه. (٣) قوله: (لا يغلّ) أي: لا يخون. اهـ. (٤) (الرغاء): صوت البعير، والخوار: صوت البقر، واليعار: صوت الشاة. (٥) (العفرة): البياض الذي فيه شيء كلون الأرض.