رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْشي وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسانٌ، قال: فظنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أنْ يَمْشيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قال: فَجَعَلْتُ أَمْشي في ظلِّ القَمر، فالتَفَتَ فرَآني، فقالَ:"مَنْ هذا؟ ". قُلْتُ: أَبُو ذرٍّ، جَعَلَني الله فِداءَكَ، قال:"يا أبا ذرٍّ تَعالَهْ"(٩)، قال: فَمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً [في حَرَّةِ المدينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنا أُحُدٌ، فقال:"يا أَبا ذَرٍّ! ". قُلْتُ: لَبِّيْكَ يا رسُولَ الله! قال:
"ما يَسُرُّني أنَّ عِنْدي مِثْلَ أُحُدٍ هذا (وفي روايةٍ: أنه تحوّل لي ٣/ ٨٢) ذَهَباً تَمضي عليَّ ثالِثةٌ وعِنْدِي مِنهُ دِينارٌ، إلا شَيْئاً أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أنْ أَقولَ به في عِبادِ اللهِ هَكذا، وهكذا، وهكذا". عَنْ يمينهِ، وعن شمالهِ، ومِنْ خَلْفِهِ، ثُم مشى] [وأرانا بيدهِ، ثم قالَ:
"يا أبا ذرٍّ"، قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! ٧/ ١٣٧]، فقال:
"إنَّ المكْثرين هُمُ المُقِلُّونَ (وفي روايةٍ: الأقلون) يوْم القِيامَةِ، إلا مَنْ أَعْطاهُ اللهُ خيْراً، فَنَفَحَ (١٠) فيه يَمينَهُ، وشِمالَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَوَراءَهُ، وَعَمِلَ فيهِ خَيْراً، [وقليلٌ ما هم ٧/ ١٧٧] "، قال: فمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً فَقَال لي:
"اجْلِسْ هاهُنا [لا تبْرَح] "، قال: فأجلَسَني في قاعٍ (١١) حَولَهُ حِجارةٌ، فقالَ لي:
"اجْلِس هاهُنا حتَّى أرجعَ إليكَ (وفي روايةٍ: مكانك، لا تبرك حتى آتيكَ) ".
(٩) قوله: (تعاله) بهاء السكت، ولأبي ذر (تعال) بإسقاطها. (شارح). (١٠) قوله: (فنفح فيه) أي: أعطى. (١١) قوله: (في قاع) أي: أرض سهلة مطمئنة انفرجت عنها الجبال. اهـ شارح.