ونَسِيحُ كما ساحَ فلانٌ، ونَتَّخِذُ دُورًا (١) كما اتَّخذَ فلانٌ، وهم على شِرْكِهم، لا عِلْمَ لهم بإيمانِ الَّذين اقتدَوا به، فلمّا بعثَ اللهُ النبيَّ ﷺ، ولم يَبقَ منهم إلَّا قليلٌ، انحطَّ رجلٌ من صَومَعَتِه، وجاء سائحٌ من سياحَتِه، وصاحبُ الدَّيرِ من دَيرِه، فآمَنوا به، وصدَّقوه، فقال الله ﵎: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ [الحديد: ٢٨]: أجْرَين بإيمانِهم بعيسى وبالتَّوراة والإنجيل (٢)، وبإيمانهم بمحمدٍ ﷺ وتصديقهم. قال: ﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ﴾ القرآنَ، واتَّباعَهم النبيَّ ﷺ قال: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ [الحديد: ٢٩] يتشبَّهون بكم ﴿أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ الآية (٣).
١٣ - باب الحُكم بالظَّاهر
٥٤٠١ - أخبرنا عَمرو بنُ عليٍّ قال: حدَّثنا يحيى قال: حدَّثنا هشام بنُ عُروةَ قال: حدَّثني أبي، عن زينبَ بنتِ أبي سلمة
عن أمِّ سلمة، أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: "إنَّكم تَختصِمونَ إِليَّ، وإِنَّما أنا
(١) كلمة "دورًا" ليست في (ك). (٢) في (م) و (هـ): وبالإنجيل. (٣) إسناده حسن، عطاء بن السائب صدوق اختلط، لكنَّ رواية سفيان بن سعيد - وهو الثوري - عنه قبل اختلاطه، وباقي رجاله ثقات. وهو في "السنن الكبرى" برقمي (٥٩٠٨) و (١١٥٠٣). وأورده ابن كثير في تفسيره، وقال بإثره: هذا السِّياق فيه غرابة. قوله: "أسطوانة" أي: منارة مرتفعة من الأرض. "فلا نَرِدُ عليكم" من الورود، أي: حتى تروا قراءتنا شتمًا لكم. "نسيح" أي: نسير. "ونَهيم" من هام في البراري؛ إذا ذهب بوجهه على غير جادة ولا طلب مقصد. "والآخَرون" أي: الذين لُقِّبوا عند الملك.