و"عَنْ وَدْعِهُمُ الجُمُعَاتِ"(٢) أي: تركهم، وقد ثبت هذا المصدر من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك ودع، خلافًا لما زعم النحاة من إماتة العرب إياهما وتركهم النطق بهما، وقد قرئ:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}[الضحى: ٣] بتخفيف الدال (٣) أي: ما (٤) تركك، وأصل الودع:(الترك و)(٥) الفراق، ومنه:"حَجَّةُ الوَدَاعِ"(٦) لأنها (٧) مفارقة البيت. قلت: بل سميت بذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -ودَّع المسلمين فيها، وكانت آخر اجتماع بينه وبينهم في ذلك الموضع.
قوله (٨) في آخر (٩) الطعام "غَيْرَ مُوَدَّعٍ رَبَّنَا وَلَا مَكْفُورٍ"(١٠) أي:
(١) البخاري (٦٠٥٤، ٦١٣١) من حديث عائشة بلفظ: "وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ". (٢) مسلم (٨٦٥) من حديث أبي هريرة وابن عمر. (٣) هي قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعروة بن الزبير، وابنه هشام، وإبراهيم بن أبي عبلة، انظر (شواذ القرآن" لابن خالويه ص ١٧٥، و"فتح الباري" لابن حجر ٨/ ٧١١، ١٣/ ٢٦٠. (٤) من (د). (٥) ساقطة من (س). (٦) وردت هذِه اللفظة في مواضع كثيرة منها ما في: "الموطأ" ١/ ٣٣٥ من حديث عائشة. والبخاري (٨٣)، ومسلم (١٣٠٦) من حديث عبد الله بن عمرو. (٧) في (س، أ): (لأنه)، وفي (م): (كأنه). (٨) ساقطة من (س). (٩) في النسخ الخطية: (أمر) والمثبت من "المشارق" ٢/ ٢٨٢. (١٠) البخاري (٥٤٥٩) من حديث أبي أمامة بلفظ: "الْحَمْدُ لله الذِي كفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيِّ، وَلَا مَكْفُورٍ. وَقَالَ مَرَّةً: الحَمْدُ لله، رَبِّنا، غَيْرَ مَكْفِيِّ، وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى، رَبَّنَا".