قوله:"لَبَّيْكَ"(١) هو تثنية، ومعناه: إجابة لك بعد إجابة، تأكيدًا، كما قالوا: حنانيك، ونصب على المصدر، هذا مذهب سيبويه (٢)، ومذهب يونس أنه اسم غير مثنى (٣)، وأن ألفه انقلبت ياءً لاتصالها بالضمير مثل لَدَيَّ وعَلَيَّ، وأصله: لبب من لبَّ بالمكان وألب به إذا أقام. وقيل: معناه: قربًا منك وطاعة لك (٤)، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات فأبدلوا الثالثة ياءً، كما قالوا: تظنيت من تظننت، ومعناه: إجابتي لك يا رب لازمة. وقال الحربي: الإلباب: القرب. وقيل: الطاعة والخضوع، من قولهم: أنا ملب بين يديك، أي: خاضع. وقيل: اتجاهي لك وقصدي، من قولهم: داري تَلُبُّ دارك، أي: تواجهها. وقيل: محبتي لك يا رب، من قولهم: امرأة لبة إذا اشتد حبها لولدها. وقيل: إخلاصي لك يا رب، من قولهم: حسب لباب، أي: محض.
وفي الحديث:"لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ (٥) "(٦) أي: جمعت عليه ثوبه عند لبته، وهو صدره، بتشديد الباء وتخفيفها، والتخفيف أعرف، و"اللَّبَّةُ": المنحر، ومنه:" الذَّكَاةُ فِي اللَّبَّةِ والْحَلْقِ"(٧)، و"طَعَنَ في لَبَّاتِهَا"(٨)،
(١) "الموطأ" ١/ ٣٣١، البخاري (١٥٤٩)، مسلم (١١٨٤) من حديث ابن عمر. (٢) انظر "الكتاب" ١/ ٣٤٨ - ٣٤٩. (٣) من (ظ)، وفي (س، د، أ): (مسمى). (٤) من (أ). (٥) في (س): (بردائي). (٦) "الموطأ" ١/ ٢٠١، البخاري (٢٤١٩)، مسلم (٨١٨) عن عمر بن الخطاب. (٧) البخاري قبل حديث (٥٥١٠). (٨) "الموطأ" ١/ ٣٧٨ عن عبدالله بن دينار يعني: عبدالله بن عمر، بلفظ: "طَعَنَ فِي لَبَّةِ بَدَنَتِهِ".