قوله - عليه السلام -: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ"(١)، "الدَّهْرُ": مدة بقاء (٢) الدنيا. وقيل: إنه مفعولات الله - سبحانه وتعالى -. وقيل: فعله كما قال: "إِنِّي أَنَا المَوْتُ"(٣).
ومعنى الحديث: فإن مصرف الدهر وموجد أحداثه هو الله تعالى، أي: أنا الفاعل لذلك. قال بعضهم: وقد يقع الدهر على بعض الزمان، يقال: أقمنا على كذا دهرًا، أي: مدة، كأنه تكثير طول المقام، ولهذا اختلف فيمن حلف ألا يكلم فلانًا دهرًا أو الدهر، هل هو متأبد؟ وأما في الرواية الأخرى:"فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ"(٤) روي بالرفع والنصب، وهو أكثر على الظرف. وقيل: على الاختصاص، وأما الرفع فعلى التأويل الآخر، وذهب بعض من تكلم في العلم ممن لا تحقيق عنده إلى أنه اسم من أسماء الله تعالى، ولا يصح.
قوله:"الْمُدْهِنُ"(٥) هو المصانع والغاش، وهو المداهن، والادّهان: المصانعة واللين في الحق.
(١) مسلم (٥/ ٢٢٤٦) من حديث أبي هريرة، وهو في "الموطأ" ٢/ ٩٨٤ بلفظ: "لَا يَقُلْ أَحَدُكمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ"، وفي البخاري (٦١٨٢) بنحوه. (٢) من (س). (٣) لم أجده. (٤) مسلم (٢٢٤٦/ ٣). (٥) البخاري (٢٦٨٦) من حديث النعمان بن بشير.