قوله:"مَا أَذِنَ اللهُ لِشَىء كَإَذَنِهِ لِنَبِيِّ يَتَغَنَّى) (١) بِالْقُرْآنِ"(٢) أي: يجهر به. وقيل: يحسن به صوته، كما قد جاء:"زَيّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ"(٣)(٤) قيل: معناه: تحزين القراءة وترجيع الصوت بها. وقيل: معنى "يَتَغَنَّى" به: يجعله هجيراه وتسلية نفسه وذكر لسانه في كل حالاته، كما كانت العرب تفعل ذلك بالشعر والحداء والرجز في قطع مسافاتها وإسقائها وحروبها.
قول عثمان - رضي الله عنه -: "أَغْنِهَا عَنَّا"(٥) بقطع الألف، أي: اصرفها وسيرها عنا. وقيل: كفها عني. وقيل: أغنِ عني شرَّك، أي: كفه، ومنه:{لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: ٣٧] , و {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ}[آل عمران: ١٠]، و {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}[الجاثية: ١٩] أي: يصرف ويمنع.
قوله:"عِنْدَنَا جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ بِهِ الأَنْصَارُ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ"(٦) الغناء الأول من الإنشاد، والثاني من الصفة اللازمة، أي: ليستا ممن اتصف بهذا واتخذه صنعة، إلاَّ كما تنشد الجواري وغيرهن (٧) من الرجال في خلواتهم، ويترنمون به في سوقهم. وقيل: ليستا بمغنيتين الغناء المصنوع العجمي الخارج عن أساليب العرب.
(١) ما بين القوسين ساقط من (س). (٢) مسلم (٧٩٢) من حديث أبي هريرة. (٣) في (د، ش): (أصواتكم بالقرآن). (٤) البخاري قبل حديث (٧٥٤٤). (٥) البخاري (٣١١١). (٦) البخاري (٩٥٢)، مسلم (٨٩٢) من حديث عائشة. (٧) في (س، ش، أ، م): (غيرهم).