وهو الذي قال لعمرَ حينَ وجدَ في مجلسِه رائحةً مِن بعضِ جُلسائِه، فقال (١): عزَمتُ على صاحبِ هذه الرَّائحةِ إلَّا قامَ فتوضَّأ، فقال جريرُ [بنُ عبدِ اللهِ](٢): علينا كلِّنا يا أميرَ المؤمِنِين فاعزِمْ، قال: عليكم كُلِّكُم عزَمتُ، ثمَّ قال: يا جَريرُ، ما زِلتَ سَيِّدًا في الجاهليَّةِ والإسلامِ (٣).
نزَل جريرٌ الكوفةَ وسكَنَها، وكان له بها دارٌ، ثُمَّ تَحوَّلَ إلى قِرْقِيسِياءَ (٤)، وماتَ بها سنةَ أَربعٍ وخمسِينَ، وقد قيل: إنَّ جَريرًا توفِّي سنةَ إحدَى وخمسِينَ، وقيل: ماتَ بالسَّراةِ في وِلايةِ الضَّحَّاكِ ابنِ قيسٍ على الكوفةِ لمعاويةَ.
أخبَرنا عبدُ اللهِ [بنُ محمدٍ](٥)، حدَّثنا حمزةُ، أخبرنا أحمدُ بنُ شُعيبٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ منصورٍ، حدَّثَنا سفيانُ، عن إسماعيلَ، عن قَيسٍ، عن جريرٍ، قال: قال لي رسولُ اللهِ ﷺ: "أَلا تَكْفِيني ذا الخَلَصَةِ؟ "، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنِّى رجلٌ لا أَثْبُتُ على الخيلِ، فَصَكَّ في صَدرِى، فقال:"اللهمَّ ثبِّتْه، واجعَلْهُ هادِيًا مَهْدِيًّا"، فخرَجتُ
= لأبي نعيم ١/ ٤٧٨. (١) بعده في هـ، م: "عمر". (٢) ليست في الأصل. (٣) طبقات ابن سعد ٦/ ٢٩٤. (٤) ضبطت في الأصل، ز، خ بكسر القاف الأولى، وكذا نص عليه في تاج العروس ١٦/ ٣٦٨، و ١٩/ ١٣٩ (قرقس، بزبط)، ونص ياقوت الحموي في معجم البلدان ٤/ ٦٥ أنها بالفتح، وهي بلدة على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق. (٥) زيادة من: خ، وفي حاشية ط.