وكان قيسُ بنُ عاصمٍ قد حَرَّمَ على نفسِه الخمرَ في الجاهليةِ، وكان سببُ ذلك أنَّه غمَز عُكْنةَ (٢) ابنتِه وهو سكرانُ، وسَبَّ أَبَويها، ورأى القمرَ فتَكَلَّمَ بشيءٍ، وأعطَى الخمَّارَ كثيرًا مِن مالِه، فلمَّا أفاقَ أُخبِر بذلك، فحَرَّمَها على نفسِه، وقال فيها أشعارًا منها قولُه (٣):
رأيتُ الخمرَ صالِحةً وفيها … خِصَالٌ تُفسِدُ الرجلَ الحَلِيمَا (٤)
فلا واللهِ أَشْرَبُها صحيحًا … ولا أشفِي بها أبدًا سَقِيمَا
ولا أُعطِي بها ثَمَنًا حَياتِي … ولا أَدْعو لها أبدًا نَدِيمَا
فإنَّ الخمرَ تَفضَحُ شارِبِيها … وتَجْنِيهم بها الأمرَ العظيمَا
ومن جَيِّدِ قولِه (٥):
إنِّي امرؤٌ لا يَعْتَرِي خُلُقِي … دَنَسٌ يُفَنِّدُه ولا أَفْنُ
مِن مِنْقَرٍ في بيتِ مَكْرُمةٍ … والغُصْنُ يَنْبُتُ حولَه الغُصْنُ