رجلًا مَهِيبًا، فكنتُ في الصَّفِّ الذي يليه، فأقبل عمرُ، فعرَض له أبو لُؤْلُوةَ عَلامُ المغيرة بن شعبة فناجى (١) عمر ﵁ قبلَ أَنْ تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ، ثمَّ طعنه ثلاثَ طَعَناتٍ، فسمِعْتُ عمر وهو يقولُ: دونكم الكلب؛ [فإنَّه قد](٢) قتلني، وماج الناسُ وأسرعوا إليه، فجَرَح ثلاثةَ عَشَرَ رجلًا، فانْكَفَأَ عليه رجلٌ مِن خلفه فاحْتَضَنَه، [وحُمِل عمر](٣)، فماج الناسُ بعضُهم في بعض، حتَّى قال قائل: الصَّلاةَ عباد الله، طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَدَّمُوا عبد الرحمن بن عوف، فصلى بنا (٤) بأقصر سُورَتَين (٥) في القرآنِ: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ﴾، و ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، واحْتُمِلَ عمرُ ودخل الناسُ عليه، فقال: يا عبدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ، اخْرُجْ فَنَادِ في الناسِ (٦): أَعَنْ مَلأً: منكم هذا؟ فخرج ابن عَبَّاسٍ، فقال: أيُّها الناسُ، [إِنَّ أمير المؤمنينَ يقولُ](٣): أَعَنْ مَلأً منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله! والله ما علمنا ولا اطَّلَعْنا، وقال: ادْعُوا لي الطَّبيب، فدُعِيَ الطَّبِيبُ، فقال: أيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إليك؟ قال: النَّبِيذُ، فسُقِيَ نَبِيذَا، فخرَج مِن بعضِ طَعَناتِه، فقال النَّاسُ: هذا دمٌ، هذا صديدٌ، فقال: اسْقُونِي لَبَنًا، فسُقِيَ لبنًا، فخرج مِن الطَّعْنةِ، فقال
(١) في هـ: "قال فجاء"، وفي م: "ففاجأ". (٢) في هـ: "فقد"، وفي م: "فإنه". (٣) سقط من: م. (٤) سقط من: خ. (٥) في ر: "سورة". (٦) بعده في م: "إن أمير المؤمنين يقول".