وليالي الحج وحُرُم (١) الحج، فنزلنا بِسَرِفَ، قالت: فخرج إلى أصحابه فقال: "مَنْ لم يكن منكم معه هَدْيٌ فَأَحَبَّ أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدى فلا"، قالت: فالآخِذ لها (٢) والتارك لها من أصحابه، قالت: فأما رسول اللُّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ورجال من أصحابه، وكانوا (٣) أهل قوة، وكان معهم الهديُ، فلم يقدروا على العمرة، قالت: فدخل عليّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا أبكي، فقال:"ما يبكيك يا هَنْتَاهُ؟ (٤) " قلتُ: سمعت قولك لأصحابك فمُنِعْتُ العمرة، قال:"وما شأنك؟ " قلت: لا أصلي. قال: فلا يضرك، إنما أنت امرأة من بنات آدم، كتب اللَّه عليك ما كتب عليهن، فكوني في حجك (٥) فعسى اللَّه أن يرزقكيها، قالت: فخرجنا في حجة (٦)، حتى قدمنا مِنى فطهرتُ ثم خرجت من منى فأفضت بالبيت، قالت: ثم خرجت معه من النَّفْرِ الآخر حتى نزل المُحَصَّبَ ونزلنا معه، فدعا عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال:"اخْرُجْ بأختك من الحَرَمِ فلتُهِل بعمرة ثم افْرُغَا، ثم ائتيا هاهنا فإني أنظركما حتى تأتيان" قالت: فخرجنا، حتى إذا فرغتُ، وفرغت من الطواف ثم جئته بسَحَرٍ، فقال:"هل فرغتم؟ " قلت: نعم، فآذن بالرحيل في أصحابه، فارتحل الناس، فمرَّ متوجهًا إلى المدينة، قالت: فقضى اللَّه حجنا وعمرتنا، ولم يكن في
(١) (وحرم الحج) بضم الحاء المهملة والراء؟ أي: أزمنته وأمكنته وحالاته. وروي بفتح الراء، وهو جمع حُرْمَة؟ أي: ممنوعات. (٢) في "صحيح البخاري": "فالآخذ بها". (٣) في "صحيح البخاري": "فكانوا". (٤) (يا هنتاه): كناية عن شيء لا يذكره باسمه. (٥) في "صحيح البخاري": "حجتك". (٦) في "صحيح البخاري": "حجته".