وجعه، فقال:"ائتوني بكتفٍ (١) أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدًا"، فتنازعوا -ولا ينبغي عند نبي تنازع- فقالوا: ماله؟ أهجر؟ استفهموه، فقال:"ذروني الذي (٢) أنا فيه خير مما تدعونني إليه"، فأمرهم بثلاث، فقال:"أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوَفْدَ بنحو ما كنت أجيزهم"، والثالثة إمّا أن سكت عنها، وإمّا أن قالها فنسيتها.
قال سفيان بن عيينة: هذا من قول سليمان بن أبي مسلم (٣).
الغريب:
"لم يَرَحْ": لم يشم، يقال: رَاحَ الطيب يراحه إذ وجد ريحه. و"المعاهَد": بفتح الهاء، اسم مفعول، وهو الذي عوهد بعهد؛ أي: صُولح. و"الذمة": العهد.
و"أَجْلِيكُم": أخرجكم، يقال: جلا القوم من منازلهم: خرجوا، وأجلاهم الإمام: أخرجهم. و"الكتف": واحد أكتاف الحيوان، وقد يعبر به عن اللوح؛ لأنهم كانوا يكتبون في الأكتاف.
وقوله:"أَهجر" بهمزة الاستفهام صوابه، وهو استفهام على جهة الإنكار على من ظنه بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك الوقت لشدة المرض عليه.
وهذا الكتاب الذي أراد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كتابته إنما هو -واللَّه أعلم- في النص
(١) "بكتفٍ" كذا في "صحيح البخاري"، وفي الأصل: "بكتب". (٢) في "صحيح البخاري": "فالذي". (٣) في "صحيح البخاري": "قال سفيان: هذا من قول سليمان".