ظنه أنه قال له: ابنة الحارث، أي: أقطع أنه قاله، ويدل على ذلك قوله في الحديث الآخر:"وَقَالَ: جُويرِيَةَ" ولم يشك، وكان يحيى لورعه كثير التوقف، وربما ذكر المشكوك فيه حتى كان يلقب بـ: الشكاك (١).
ومثله قوله أيضًا في آخر حديث الصلاة بعد الجمعة:"أَظُنُّنِي قَرَأْتُ فَيُصَلِّي أَوِ الْبَتَّةَ"(٢) شك هل قرأ فيصلي ثم غلب يقينه فقال: "أَوْ البَتَّةَ" أي: لا أشك في أني قرأته.
وفي "الموطأ" فيمن أعتق شركًا له في عبد، قال مالك:" لأنَّهُمْ لَيْسُوا هُمْ ابْتَدَءُوا العَتَاقَةَ وَلَا أبتُّوهَا" كذا لابن وضَّاح، ولبعضهم:"أَثْبَتُوهَا"(٣)، ورواه آخرون:"أَنْشَؤوهَا" أي: ابتدؤوها، وكذا في كتاب ابن عبد البر وسقطت الكلمة كلها من كتاب ابن بكير.
وتقدم الخلاف في قوله:"فَإنْ بَاتُّونَا" أو "يَأْتُونَا"(٤) في حرف الهمزة، أحدهما من المجيء، وهي رواية الكافة، والأخرى من البتات، أي: قاطعونا، وهي رواية ابن السكن، ومن الإتيان أظهر وأقوى.
وفي حديث جابر في الأقراص:"فَوُضِعْنَ عَلَى بَتِّيًّ"(٥) على وزن قَسِّي،
(١) روي في "العلل ومعرفة الرجال" ٣/ ٤٣٧، و"الجرح والتعديل" ٩/ ١٩٧ عن الإِمام أحمد أنه ذكر يحيى بن يحيى فأثنى عليه خيرًا، وأظنه قال: ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى، قال: كنا نسميه يحيى الشكاك؛ يعني من كثرة ما كان يشك في الحديث. (٢) مسلم (٨٨٢/ ٧١)، ووقع في النسخ الخطية: (أظنه). (٣) "الموطأ" ٢/ ٧٧٣. (٤) البخاري (٤١٧٨، ٤١٧٩). (٥) قال القاضي في "المشارق" ١/ ٢٠٩: بباء مفتوحة بواحدة وتاء باثنتين فوقها مكسورة مشددة وياء مشددة كياء النسب. وكذا قال في "إكمال المعلم" ٦/ ٥٣٩ وقال أيضًا: