يتأول:"هُجِرَ" على ما قدمناه، وقد يكون ذلك من قائله دهشًا لعظم ما شاهد من حال النبي - صلى الله عليه وسلم - واشتداد وجعه وعظم الأمر الذي كانت فيه (١) المخالفة حتى لم يضبط كلامه ولا يفقه، كما قال عمر:"لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -"(٢).
قوله (٣): "لَيْسَ لَهُ هِجَّيرى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ، قَامَتِ السَّاعَةُ"(٤) كذا رويناه من طريق الشامي، وكذا عند التَّمِيمِي، ورويناه من طريق العُذْرِيِّ:"هِجِّيرٌ" والصواب الأول. قال ابن دريد: يقال: ما زال ذلك هِجِّيرَاهُ وإِهْجِيرَاهُ، أي: دأبه (٥).
وقال أبو علي البغدادي: الهجيرى أيضًا: كثرة الكلام وترداده بالشيء، وهو راجع إلى الأول.
قوله:"الْهَجِينُ مِنَ الخَيْلِ"(٦) هو الذي أبوه عربي وأمه غير عربية، وقد يستعمل ذلك في غير الخيل.
(١) من (أ، م). (٢) البخاري (٣٦٦٧) من حديث عائشة بلفظ: "مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ". (٣) ساقطة من (س). (٤) مسلم (٢٨٩٩) من قول يسير بن جابر بلفظ: "لَيْسَ لَهُ هِجِّيرى إِلَّا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، جَاءَتِ السَّاعَةُ". (٥) "الجمهرة" ٢/ ١١٩٢. (٦) لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن روى الطبراني في "الكبير" ١٧/ ٤٦ (٩٣٧٢) عن محمد بن سلام قال: حدثني بعض أصحابنا قال: عرض سلمان بن ربيعة الخيل فمر عمرو بن معدي كرب على فَرَسٍ له: فقال له سلمان بن ربيعة: هذا هَجِينٌ. فقال له عمرو: عتيق فأمر به فعطِّش، ثم جاء بطست من ماء ودعا بعتاق الخَيْلِ، فشربتْ، فجاء فَرَسٌ عمرو فثنى يديه وشرب - وهذا صنع الهَجِينِ - فنظر إليه فقال له: ألا ترى؟ فقال له: أجل، الهَجِينُ يعرف الهَجِينَ. فبلغ عمر فكتب إليه: قد بلغني ما قلتَ لأميرك، وبلغني أن لك سيفًا تسميه الصمصامة، وعندي سيف مصمم، وتالله لئن