إرب، كما قال:"تَرِبَتْ يَمِينُهُ"(١) و"عَقْرَى حَلْقَى"(٢) وليس المراد وقوع هذا الدعاء، لكن من عادة العرب استعمال هذِه الألفاظ في دعم كلامها، وإلى هذا المعنى ذهب الْقُتَبِيُّ (٣)، قال (٤): وإنما دعا عليه بهذا؛ لما رآه يزاحم ويدافع غيره.
وقد جاء في حديث عمر:"أَرِبْتَ عَنْ يَدَيْكَ"(٥) أي: تقطعت آرابك، أو سقطت. فهذا يدل على (٦) أنه لفظ مستعمل عندهم بمعنى الدعاء الذي لا يراد وقوعه، ومن قال:"أَرَبٌ مَالَهُ" فمعناه: حاجة جاءت به، قاله الأزهري (٧)، وتكون "مَا" زائدة، وفي سائر الوجوه استفهامية، ومن قال:"أَرِبٌ مَالَهُ" فمعناه: رجل حاذقٌ فطنٌ سأل عما يعنيه، والْأَرَبُ والْإِرْبَةُ والْإِرْبُ والْمَأربة: الحاجة. ولا وجه لقول أبي ذرّ:"أَرَبَ".
(١) "الموطأ" ١/ ٥١، البخاري (١٣٠)، مسلم (٣١٠) في قصة أم سليم. والبخاري (٤٧٩٦، ٦١٥٦)، مسلم (١٤٤٥/ ٦، ٨) من حديث عائشة، ولفظه عند الجميع: "تَرِبَتْ يَمِينُكَ". (٢) البخاري (١٥٦١، ١٧٦٢، ١٧٧١ - ١٧٧٢، ٦١٧٥)، مسلم (١٢١١/ ١٢٨) عن عائشة. (٣) في (د): (القتيبي). (٤) هكذا في النسخ الخطية، وإنما هي مقحمة في السياق؛ فما بعدها ليس من كلام القتبي، كما يشير المعنى، لكنه استئناف من القاضي عياض لشرحه كما في "المشارق" ١/ ٧٩، وانظر كلام ابن قتيبة في "غريبه" ١/ ٤٥٧. (٥) رواه أبو داود (٢٠٠٤)، وأحمد ٣/ ٤١٦. وحسن إسناده المنذري في "المختصر" ٢/ ٤٣٠، وصحح إسناده الألباني في "صحيح أبي داود" (١٧٤٩). (٦) من (د). (٧) "تهذيب اللغة" ١/ ١٤٣.