قوله في حديث القدر:"قِبَلَنَا ناسٌ يَتَفَقَّرُونَ العِلْمَ"(كذا رواه ابن ماهان)(١) بتقديم الفاء، ولغيره بتأخيرها (٢)، وهذا اللفظ أشهر، وهو الذي شرحه الشارحون ومعناه: الطلب، يقال: تقفرت العلم إذا قفوته، واقتفرت الأثر إذا تبعته. وقال ابن دريد: قفَّرت بتشديد الفاء: جمعت (٣)، ورواه بعضهم:"يَقْتَفِرُونَ" وهو بمعنى الأول، وفِي كتاب أبي داود:"يَتَقَفَّوْنَ"(٤) بمعنى الأول، يقال: قفوته إذا تبعته، ومنه (٥): "الْقَافَةُ"(٦) وأما تقديم الفاء على الرواية الأولى فلم أر من تكلم فيه، وهو عندي أصح الروايات وأليقها بالمعنى، فالمراد أنهم يطلبون غامضه، ويستخرجون خفيه، ويفتحون مغلقه، كما قال عمر - رضي الله عنه - في امرئ القيس:"افْتَقَرَ عَنْ مُعَانٍ عُورٍ أَصَحَّ (٧) بَصَرٍ"(٨)، ومنه سمي البئر فقيرًا لاستخراج
(١) من (أ، م) وهو في "المشارق". (٢) مسلم (٨) منقول يحيى بن يعمر لابن عمر ولفظه: "قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ العِلْمَ". (٣) "الجمهرة" ٢/ ٧٨٦. (٤) الذي في "سنن أبي داود" بتحقيق محمَّد محيي الدين عبد الحميد ط. المكتبة العصرية. بيروت. لبنان. ٤/ ٢٢٣ (٤٦٩٥): (يَتَفَقَّرُونَ). وقال في الحاشية: في بعض النسخ تقديم القاف على الفاء، ومعناه: يطلبونه ويتتبعونه، وفي بعضها بتقديم الفاء وهو صحيح أيضًا، ومعناه: يبحثون عن غامضه ويستخرجون خفاياه. (٥) في (س): (وفيه). (٦) البخاري (٥١٢٧) من حديث عائشة. (٧) في (س، ش، د): (بأصح). (٨) ذكره أبو الفرج الأصبهاني في "الأغاني" ٨/ ١٩٩ مسندًا فقال: قال إسحاق: حدثني بعض أهل العلم عن ابن عياش عن الشعبي قال: رأيت دغفلا النسابة يحدث أنه رأى العباس بن عبد المطلب سأل عمر بن الخطاب عن الشعراء فقال: امرؤ القيس