شغل بذلك - وإن كان في أعظم طاعة وأشرف (عبادة - عن أرفع مقام مما هو فيه وأشرف)(١) درجة، وفراغه لتفرده بربه وصفاء وقته وخلوص همه من كل شيء سواه، وأن ذلك غض من حالته هذِه العلية فيستغفر الله لذلك. وقيل: هو مأخوذ من (الغين)، وهو الغيم والسحاب الرقيق الذي يغشى السماء، وكأن هذا الشغل أو الهم يغشى قلبه ويغطيه عن غيره حتى يستغفر الله منه. وقيل: قد يكون هذا الغين: السكينة التي تغشى قلبه؛ لقوله:{فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ}[الفتح: ٢٦] واستغفاره لها إظهارًا للعبودية (والافتقار، ويحتمل أن يكون حالة خشية وإعظامًا يغشى القلب، واستغفاره شكرًا لله وملازمة للعبودية)(١)، كما قال:"أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ "(٢).
قوله:"فِيمَا سَقَتِ الأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ العُشْرُ" كذا في حديث أبي الطاهر عند مسلم (٣)، ومعناه: المطر، والغيم: السحاب الرقيق.
قوله:"وَالسَّمَاءُ مُغِيمَةٌ"(٤)، ويروى:"مُغَيَّمَةٌ"، و"مُغَيِّمَةٌ" وكله صحيح، وقد تقدم: أغامت السماء، وغيَّمت: إذا غشيها غمام.
قوله:"لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ"(٥) أي: لا تنقصها ولا تقل عطاءها، يقال: غاض الشيء يغيض، وغضته أنا، ومنه:{وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ}[الرعد: ٨] أي: تنقص من مدة الحمل. وقيل: ما تسقطه قبل تمام مدته.
(١) ما بين القوسين ساقط من (س). (٢) البخاري (١١٣٠)، مسلم (٢٨١٩) من حديث المغيرة. (٣) مسلم (٩٨١/ ٧). (٤) "الموطأ" ١/ ١٢٥. (٥) البخاري (٤٦٨٤) من حديث أبي هريرة.