أي: الزموها كما يَعَض الرجل على الشيء، وقد تكون عندي على بابها في قوله:"يَعَضُّونَ (١) بِالْحِجَارَةَ"(٢) لشدة الألم، أو لشدة العطش إذ كانوا لا يسقون، وهذا مُشاهد لمن اشتد به الألم والوجع، يعض بأسنانه على ما وجد، ويقال من هذا كله: عَضِض بالكسر إلاَّ تميمًا فإنهم يقولون: عَضَض، وأما المستقبل: فـ (يَعَض) بفتح العين بلا خلاف.
قوله:"عَدَدُ هذِه العِضَاهِ"(٣) هو كل شجر ذي شوك، واحده عضة، حذفت منها الهاء، كشفة، ثم ردت في الجمع فقالوا: عضاه كما قالوا: شفاه. ويقال: عضاهة أيضًا وهو أقبحها، وعضهة أيضًا (٤). وقيل: هو من شجر الشوك ما له أروم يبقى على الشتاء.
قوله:"ولا يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضًا" أي: لا يسحر، والعضيهة والْعَضَه: السحر، وقد يكون: النميمة أيضًا، ويكون: الرمي بالبهتان، والعضيهة: الإفك والبهتان، وكله مما يصح أن يشتمل عليه النهي، والله أعلم بمراده من ذلك، كذا جاء هذا الحرف عند رواة مسلم إلاَّ العذري فعنده:"ولا يَعْضِي" مثل يقضي، وهو بعيد المعنى هنا، والمعروف ما للكافة إلاَّ أن يكون من قوله تعالى:{جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}[الحجر: ٩١] على من فسره بالسحر، وهو قول الفراء (٥)، قال: ويكون عِضون جمع عِضَة،
حديث العرباض بن سارية. وصححه ابن حبان ١/ ١٧٨ (٥)، والألباني في "الصحيحة" (٩٣٧). (١) بعدها في (س): (عليها). (٢) البخاري (١٥٠١) من حديث أنس. (٣) البخاري (٢٨٢١) من حديث جبير بن مطعم. (٤) ساقطة من (د). (٥) "معاني القرآن" ٢/ ٩٢.