لا أوثر أحدًا بهم، أي: لا أكرمه بدفنه معهما، ولعله: لَا أُثِيرُهُمْ بِأَحَدٍ، أي: لا أنبش التراب حولهم لدفن أحدٍ، وتكون الباء بمعنى اللام، يقال: أثرتُ الأرض إذا أخرجتُ ترابها.
وقيل: وفي البخاري: " لَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي"(١) تعني: عمر، وهذا من الإيثار بمعنى التقديم، وهو يشهد للقول الأول، وقول الفضل:"لَا أُوثرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا"(٢) أي: لا أفضل.
وقول عمر في اليمين بغير الله:"وَلَا آثِرًا (٣) " أي: حاكيًا عن غيري. وفي حديث أبي سفيان مع هرقل:"لَوْلَا الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثُرُوا عَلَيَّ كذِبًا"(٤)
(١) "صحيح البخاري" (١٣٩٢) عن عمر بن الخطاب. (٢) رواه البخاري (٢٤٥١، ٢٦٠٥، ٥٦٢٠)، ومسلم (٢٠٣٠): عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَاعِدِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "أَتَأْذنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَوُلاءِ؟ ". فَقَالَ الغُلَامُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، "لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا". قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ. ورواه أيضًا البخاري (٢٣٦٦، ٢٦٠٢) بلفظ: "مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِي". وقول المصنف - رحمه الله -: (قول الفضل). كذا سماه ابن بطال في "شرحه" ٦/ ٤٩٤. بينما قال القاضي: جاء عند ابن أبي شيبة مفسرًا أن الغلام: عبد الله بن عباس. "إكمال المعلم" ٦/ ٤٩٩. وكذا قال النووي في "شرح مسلم" ١٣/ ٢٠١ زاد أنه عند ابن أبي شيبة في "المسند"، ولمانظرت في مسند سهل بن سعد في المطبوع من "مسند ابن أبي شيبة" ١/ ٩٣ (١٠٨) وجدت الغلام مبهمًا كما هو في الصحيحين وسائر الكتب! وجزم الحافظان ابن الملقن في "التوضيح" ١٥/ ٣١١، وابن حجر في "هدي الساري" ص ٢٨٢ و ٣٢٨، وفي "الفتح" ٥/ ٣١ أنه عبد الله بن عباس. والله أعلم. (٣) رسمت في (س): (أُوثرا)! والعبارة ساقطة من (أ)، وغير واضحة في (ظ)، والمثبت من "صحيح البخاري" (٦٦٤٧)، و"صحيح مسلم" (١٦٤٦). (٤) رواه البخاري (٧).