قوله عليه الصلاة (١) والسلام: "أَنَا نَبِيُّ الرَّحْمَة"(٢) كذا للسجزي، ولغيره:"الْمَرْحَمَةِ"، فـ "نَبِيُّ الرَّحْمَةِ"؛ لأن به أنقذ الله الخلق من الضلال إلى الهدى فصاروا إلى الرحمة، كما قال:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧] وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، وهو الشافع للخلق في تعجيل الحساب، والشافع لهم في إخراجهم من النار، وفي رفع درجاتهم في الجنة؛ بهذا كله كان "نَبِيُّ الرَّحْمَةِ"، و"الْمَرْحَمَةِ".
وفي مسلم:"نَبِيُّ المَلْحَمَةِ" أي: القتال، كما قال:"بُعِثْتُ بِالذَّبْحِ"(٣)، و"أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ"(٤)، وفي حديث حذيفة:"نَبِيُّ المَلَاحِمِ"(٥).
قوله:"الرَّحِمُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْعَرْشِ"(٦) يقال: رَحِم ورُحْم [ورِحْم](٧)، وليست بجسم (٨) فيصح منها القيام والتعلق والكلام؛ وإنما هي معنًى من
(١) من (د). (٢) مسلم (٢٣٥٥) من حديث أبي موسى الأشعري. (٣) رواه أحمد ٢/ ٢١٨، والبزار في "البحر الزخار" ٦/ ٤٥٦ (٢٤٩٧)، وابن حبان ١٤/ ٥٢٥ (٦٥٦٧) من حديث عبد الله بن عمرو، بلفظ: "جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ". وصححه الألباني في "صحيح السيرة النبوية" ص ١٤٨ - ١٤٩. (٤) رواه البخاري (٢٥)، مسلم (٢٢) من حديث ابن عمر، والبخاري (٣٩٢) من حديث أنس، والبخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة. (٥) رواه أحمد ٥/ ٤٠٥، والترمذي في "الشمائل المحمدية" (٣٦٨)، وحسنه الألباني في "مختصر الشمائل" (٣١٦). (٦) مسلم (٢٥٥٥) من حديث عائشة، وفيه: (مُعَلَّقَةٌ). (٧) زيادة من "المشارق" ١/ ٢٨٦. (٨) كذا قال القاضي أيضا في "مشارق" ١/ ٢٨٦، ولست أرى ما يمنع أن تكون الرحم جسدًا، كما أن الموت معنًى في الدنيا ويبعث يوم القيامة كبشًا، والعمل يتجسد للميت