قال أبو الفضل: والأليق أنه الدخان كما قد روي أنه أضمر له من سورة الدخان: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}[الدخان: ١٠]، فلم يهتد من الآية إلَّا لهذين الحرفين من كلمة ناقصة لم يتمها على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن، أو من هواجس النفس، ولهذا قال له - عليه السلام -: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" أي: أبعد كاهنًا (١) متخرصًا فلن تعدو قدر إدراك الكهان مما لا يصل إلا حقيقة البيان والإيضاح.
وقوله:"فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ"(٢) أصله من حرف الذال المعجمة، فلما أدغمت في تاء افتعل انقلبت دالاً، ومعناه: أقتنيه لنفسي وأستأثر به دونكم.
قوله:"وَكَانَ لَنَا جَارًا وَدَخِيلًا"(٣) أي: مداخلًا ومخالطًا خاصًّا، وداخلة الإزار (٤): هو الطرف الذي يلي جسد المؤتزر. وقيل: كُني به عن موضعه من البدن، وقيل: مذاكيره، وقيل: وركه.
(١) في (س): (هاهنا)، وغير موجود في باقي النسخ، والصواب ما أثبت، وهو ما في "المشارق" ٢/ ٢٠٥. (٢) "الموطأ" ٢/ ٩٩٧، والبخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٠٣٥) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. (٣) البخاري (١٧٥)، مسلم (١٩٢٩/ ٥) من حديث عدي بن حاتم، واللفظ لمسلم. (٤) "الموطأ" ٢/ ٩٣٩ عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، والبخاري (٦٣٢٠)، ومسلم (٢٧١٤) من حديث أبي هريرة، بلفظ: "دَاخِلَة إِزَارِهِ". (٥) البخاري (٦٣٢٠)، مسلم (٢٧١٤) من حديث أبي هريرة.