وقد شهِد اللهُ ﷿ لحاطبِ بنِ أبي بلتعةَ بالإيمانِ في قولِه ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ الآية [الممتحنة: ١]، وذلك أن حاطبًا كتَب إلى أهلِ مكةَ قبلَ حركةِ رسولِ اللهِ ﷺ إليها عامَ الفتحِ يُخبرُهم ببعضِ ما يُريدُ رسولُ اللهِ ﷺ بهم مِن الغزوِ إليهم، وبعَث كتابَه مع امرأةٍ، فنزَل جبريلُ ﵇ بذلك على النَّبِيِّ ﷺ، فبعَث رسولُ اللهِ ﷺ في طلبِ المرأةِ عليَّ بنَ أبي طالبٍ ﵁ وآخرَ معه (١)، قيل: المقدادُ بنُ الأسودِ، وقيل: الزبيرُ بنُ العَوَّامِ، فأدرَكا المرأةَ بِرَوْضَةِ خَاخٍ (٢)، فأخذَا الكتابَ، ووقَف رسولُ اللهِ ﷺ حاطِبًا، فاعتَذَرَ، وقال: ما فَعَلتُه رغبةً عن دِينِي، فنَزَلَتْ فيه آياتٌ مِن صدرِ سورةِ "الممتحنة"، وأراد عمرُ بنُ الخطابِ ﵁ قتلَه، فقال له رسولُ اللهِ ﷺ:"إنَّه قد شهِد بدرًا" الحديث (٣).
حدَّثنا أحمدُ بنُ قاسمٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أَصبَغَ، قال: حدَّثنا الحارثُ بنُ أبي أُسامةَ، قال حدَّثنا أحمدُ بنُ يُونُسَ ويُونُسُ بنُ محمدٍ، قالا: أخبَرنا اللَّيثُ بنُ سعدٍ، عن أبي الزُّبَيرِ، عن جابرٍ، أنَّ عبدًا لِحَاطِبٍ (٤) جاء إلى النَّبِيِّ ﷺ يَشْتَكِي حاطِبًا، فقال: يا رسولَ اللهِ، ليَدخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ: "كَذَبتَ، لا يَدخُلُ النَّارَ أحدٌ
(١) في حاشية ي: "وهو في كتب الفقه، وقيل: كانوا ثلاثة". (٢) في ز، غ: "حاخ"، وتقدمت في ١/ ١٨. (٣) تقدم تخريجه في ١/ ١٨. (٤) قال سبط ابن العجمي: "بخط أبي الفتح بن سيد الناس في أول هذا الكتاب في هذا الحديث أن اسمه -أي: اسم العبد- سعد".