يا أبا حَسَنٍ؛ فإِنِّي أُرْصِدُ (١) مِن كرامتِها ما لا يُرْصِدُه أحدٌ، فقال له عليٌّ: أنا أبعثُها إليك؛ فإن رَضِيتَها فقد زَوَّجتُكها، فبعَثها إليه بِبُرْدٍ، وقال لها: قُولي له: هذا البُرْدُ الذي قلتُ لك، فقالت ذلك لعمرَ، فقال: قُولي له (٢): قد رَضِيتُ رضِي اللهُ عنك، ووضَع يدَه على ساقِها، فكَشَفها، فقالت: أتفعلُ هذا؟ لولا أنَّك أميرُ المؤمنين لكسَرتُ أنفَك، ثم خرَجتْ حَتَّى جاءَتْ أباها، فأخبَرتْه الخبرَ، وقالت: بعَثتَنِي إلى شيخِ سَوْءٍ، فقال: يا بُنَيَّةُ، فإنَّه (٣) زوجُك، فجاء عمرُ إلى مجلسِ المُهاجِرين في الرَّوضةِ، وكان يجلسُ فيها المُهاجِرون الأَوَّلون، فجلَس إليهم، فقال لهم: رَفِّئُوني، فقالوا: بماذا يا أميرَ المؤمنين؟ قال: تَزَوَّجتُ أمَّ كلثومٍ بنتَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، سمِعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ:"كلُّ نَسَبٍ وسَبَبٍ وصِهْرٍ مُنقطِعٌ يومَ القيامةِ إِلَّا نَسَبِي وَسَبَبي وصِهْرِي"، فكان لي به ﵇ النَّسَبُ والسَّبَبُ، وأردتُ أنْ أجمع إليه الصِّهْرَ، فَرَفَّئُوه (٤).
حدَّثنا عبد الوارث، حدَّثنا قاسم، حدَّثنا الخُشَنِيُّ، حدَّثنا ابن أبي
(١) أُرْصِدُ: أُعِدُّ النهاية ٢/ ٢٢٦. (٢) في الأصل: "لي"، وفي الحاشية: "صوابه: له". (٣) في م: "إنه". (٤) أخرجه ابن إسحاق في السيرة ص ٢٣٣، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبير (١٣٥٢٤)، وسعيد بن منصور (٥٢٠)، وابن سعد في الطبقات ١٠/ ٣٤٠، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٩/ ٤٨٦، والبزار (٢٧٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٦٣٣ - ٢٦٣٥)، والحاكم ٣/ ١٤٢، وعنه البيهقي في السنن الكبير (١٣٥٢٤) مطولًا ومختصرًا.