ولم يَفِرَّ يومَئذٍ، ولم تُفارِقْ يَدُه لِجَامَ بغلةِ رسولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى انصرَف الناسُ إليه، وكان يُشْبِهُ النبيَّ ﷺ، وكان رسولُ اللهِ ﷺ يُحِبُّه، وشهِد له بالجَنَّةِ، وكان يقولُ:"أرجو أن يكونَ خَلَفًا مِن حمزةَ"(١)، وهو معدودٌ في فضلاءِ الصَّحابةِ.
وروَى عَفَّانُ، عن وُهَيبٍ، عن هشامِ بن عروةَ، عن أبيه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: "أبو سفيانَ بنُ الحارثِ مِن شبابِ أهلِ الجَنَّةِ، أو سَيِّدُ فتيانِ أهلِ الجَنَّةِ"(٢).
ويُروَى عنه أنَّه لَمَّا حَضَرتْه الوفاةُ، قال: لا تَبْكُوا عليَّ؛ فإنِّي لم أَتَنَطَّفْ (٣) بخطيئةٍ منذُ أسلَمتُ (٤).
وذكَر ابن إسحاقَ أنَّ أبا سفيانَ بنَ الحارثِ بكَى النبيَّ ﷺ كثيرًا ورَثَاه، فقال (٥):
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٤/ ٤٠٧، ٤٠٨ بلفظ: "أعقبني الله من حمزة أبا سفيان". (٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٤/ ٤٩ عن عفان عن حماد بن سلمة، عن هشام به، وأخرجه ابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (١٧٨)، والحاكم ٣/ ٢٥٥ من طريق حماد بن سلمة، عن هشام به. (٣) في غ: "أنتطف"، والنَّطَفُ: التلطُّخُ بالعيب، يقال: هم أهل الريب والنَّطَف، وقد نَطِف الرجلُ: إذا اتُّهم بريبة، وأنطفه غيره. الصحاح ٤/ ١٤٣٤ (ن ط ف). (٤) طبقات ابن سعد ٤/ ٤٩٤، والمحتضرين لابن أبي الدنيا (١٣٤)، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي ١/ ٦٤٥، ومعجم الصحابة للبغوي ٥/ ٤٠٥، والطبقات لأبي عروبة (ص ٣٣ - منتقي)، والمجالسة وجواهر العلم للدينوري (٢٥٦٢)، ووصايا العلماء عند حضور الموت لابن زبر ص ٩١. (٥) أسد الغابة ٥/ ١٤٦.