فقال أبو بصير لأحدِ الرَّجلَيْنِ: والله إنّي لأَرَى سيفك هذا جيدًا يا فلان، فاسْتَلَّه الآخرُ، وقال: أجل واللهِ، إنَّه لَجَيْدٌ، لقد جَرَّبتُ به ثم جَرَّبتُ، فقال له أبو بصيرٍ: أَرني انظر إليه، فأمكنه منه، فضربه به حتَّى بَرَدَ وفَرَّ الآخرُ حتَّى أتى المدينةَ، فدخل المسجدَ يَعْدُو، فقال (١) النبيُّ ﷺ حينَ رَآه: "لقد رَأَى هذا ذُعْرًا"، فلما انتهى إلى النبي ﷺ، قال: قُتِل والله صاحبي، وإني لمقتولٌ، [فجاء أبو بصيرٍ](٢): فقال يا رسولَ اللَّهِ، قد [والله](٢) وَفَتْ ذِمَّتك، وقد رَدَدتَني إليهم، فَأَنْجَاني الله منهم، فقال النبي ﷺ:"وَيْلُ امِّه مِسْعَرُ حربٍ (٣) لو كان له (٤) أَحَدٌ"، فلما سمع ذلك علم أنَّه سَيَرُدُّه إليهم، فخرج حتَّى أَتَى سِيفَ البحرِ، قال: وانْفَلَتَ منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سهيل (٥)، فلَحِقَ بأبي بصيرٍ، وجعَل لا يَخْرُجُ مِن قريش رجلٌ قد أسلم إلا لَحِقَ بأبي بصير حتى اجتَمَعَتْ منهم عصابة، قال: فوالله ما (٦) يسمعون بِعِيرٍ خَرَجَتْ لقريش إلا اعتَرَضوا لهم فقتلوهم، وأخَذوا أموالهم، فأَرْسَلَتْ قريش إلى النبي ﷺ تُناشِدُه الله والرَّحِمَ إلا أرسل
(١) بعده في ي ٣، م: "له". (٢) ليس في: الأصل. (٣) في حاشية م: "محش حرب"، ويقال: سعرت النار والحرب: إذا أوقدتهما، وسعَّرتها بالتشديد للمبالغة، والمِسْعَر والمِسْعار: ما تُحرَّك به النار من آلة الحديد، يصفه بالمبالغة في الحرب والنجدة، ويجمعان على مساعر ومساعير. النهاية ٢/ ٣٦٧. (٤) في م: "معه". (٥) بعده في م: ابن عمرو". (٦) في ر: "لا".