فوقَع (١) بهم عندَ رسولِ اللهِ ﷺ ما شاء اللهُ، ثمَّ انْصَرَفَ، فأقبَل قتادةُ بعدَ ذلك إلى رسولِ اللهِ لِيُكَلِّمه، فجَبَهَه (٢) رسولُ اللهِ ﷺ جَبْهًا شديدًا مُنكَرًا، وقال:"بِئسَ ما صنعتَ، وبِئسَ مَا مَشَيْتَ فِيهِ"، فقام قتادةُ وهو يقولُ: لوَدِدتُ أَنِّي خَرَجتُ مِن أهلِي ومالِي ولم أُكَلِّمْ رسولَ اللهِ ﷺ في شيءٍ مِن أمرهم، وما أنا بعائدٍ في شيءٍ مِن ذلك، فأنزَل اللهُ ﷿ على نبيِّه ﷺ في شَأنِهِم (٣): ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ الآيات (٤) إلى قولِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [النساء: ١٠٥ - ١٠٧]، يَعنِي أُسَيرَ بنَ عُرُوةَ وأصحابَه (٥)، وكان أُسَيرُ بنُ عُرُوةَ مُسلِمًا فَاتُّهِمَ مِن ذلك الوقتِ بالنِّفَاقِ، قال ابنُ إسحاقَ: نَزَلَتْ فِيهِ: ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ﴾ (٥)[النساء: ١١٣].
(١) قال سبط ابن العجمي: "فرقع". (٢) جبهه بالمكروه: إذا استقبله به، الصحاح ٦/ ٢٢٣٠ (ج ب هـ). (٣) سقط من: غ، وفي ي: "شأنه". (٤) في م: "الآية". (٥) أخرجه الترمذي (٣٠٣٧)، وابن جرير في تفسيره ٧/ ٤٥٨ - ٤٦٢، وابن أبي حاتم في تفسيره ١٠٥٩/ ٤، ١٠٦٠، ١٠٦٤ (٥٩٣٣، ٥٩٥٥)، والحاكم ٤/ ٣٨٥ - ٣٨٨ من طريق ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده مطولًا. أسد الغابة ١/ ١١٥.