ورُوي عن عمرَ ﵀ أنَّه قال في انصرافه مِن حَجَّتِه التي لم يَحُجَّ بعدها: الحمدُ لله، ولا إله إلا الله، يُعطي مَن يشاءُ (١) ما يشاءُ، لقد كنتُ بهذا الوادي - يعني ضَجْنان - أرعى إبلا للخَطَّابِ، وكان فَظًّا غليظًا يُتعبني إذا عملتُ، ويُضرِبُني إذا قَصَّرتُ، وقد أصبحتُ وأمسَيتُ وليس بيني وبينَ اللهِ أحدٌ أَخشَاه، ثمَّ تَمَثَّلَ:
لا شيء مما تَرى (٢) تَبْقَى بَشاشَتُه … يبقى الإله ويُودِي (٣) المال والولد
لم تُغْنِ (٤) عن هُرْمُز يومًا خَزائِنُه … والخُلْدَ قد حاوَلَتْ عادٌ فما خَلَدُوا
ولا سليمانُ إِذ تَجْرِى الرِّياحُ له (٥) … والإنس والجن فيما بينَها بُرُدُ (٦)
أين الملوك التي كانَتْ لِعِزَّتِها … من كلِّ أَوْبٍ إليها وَافِدٌ يَفِدُ
حوْضٌ هُنالِكَ مَوْرود بلا كَذِبٍ (٧) … لا بُدَّ مِن وِرْدِه يومًا كما وَرَدُوا (٨)
(١) في الأصل: "شاء". (٢) في خ: "يُرى". (٣) في م: "يؤدي". وأودى: هلك. النهاية ٥/ ١٧٠. (٤) في خ: "يغن". (٥) في ر، هـ: "به". (٦) في م: "ترد". والبرد: جمع بريد، وهو الرسول. النهاية ١/ ١١٥. (٧) في هـ: "كدر". (٨) تاريخ دمشق لابن عساكر ٤٤/ ٣١٦. وفي حاشية خ: "خرج الدراقطني في غريب حديث مالك بن أنس، عن مالك، قال: حدثني عبد الله بن دينار، عن سعد الحارثي مولى عمر، أن عمر دخل على بنت علي بن أبي طالب وكانت عنده، فوجدها تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: يا أمير المؤمنين، هذا اليهودي كعب الأحبار، يقول: إنك باب من أبواب جهنم، فقال عمر: ما شاء الله، إني =