أرادَ المسيرَ إلى رسولِ اللهِ ﷺ قطَعتْ (١) أمُّه بِجادًا لها، وهو كِساءٌ شقَّتْه (٢)، فاتَّزَرَ بواحدٍ منهما، وارتدَى بالآخرِ.
وقال ابن هشامٍ (٣): إنَّما سُمِّي ذا البِجادَينِ لأنَّه كان يُنازِعُ إلى الإسلامِ فيَمْنَعُه قومُه مِن ذلك ويُضيِّقون عليه حتَّى ترَكوه في بِجادٍ [له ليس عليه](٤) غيرُه، والبِجادُ: الكِساءُ الغليظُ الجافي، فهرَب منهم إلى رسولِ اللهِ ﷺ، فلمَّا كان قريبًا منه شقَّ بِجادَه باثْنَيْنِ، فَاتَّزَرَ بواحدٍ واشتَمَل بالآخرِ، ثم أتَى رسولَ اللهِ ﷺ، فقيل له ذو البِجادَيْنِ لذلك.
وخبرُه أكملُ مِن هذا، وكانَتْ أمُّه قد سلَّطَتْ عليه قومَه فجَرَّدوه طَمَعًا منها أن يَبْقَى معها ولا يُهاجِرُ، وماتَ في عصرِ النبيِّ ﷺ.
روَى عنه عمرُو بنُ عوفٍ المُزَنيُّ، وعمرُو بنُ عوفٍ أيضًا، له صُحبةٌ.
ذكَر ابن إسحاقَ، قال (٥): حدَّثَني محمدُ بنُ إبراهيمَ بن الحارثِ التَّيْمِيُّ، أَنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ كان يُحدِّثُ، قال (٦): قُمْتُ مِن جوفِ الليلِ وأنا مع رسولِ ﷺ في غزوةِ تبوكَ، قال: فرأيتُ شُعلةً مِن نارٍ في ناحيةِ العَسْكرِ، قال: فاتَّبَعْتُها أنظُرُ إليها، فإذا رسولُ اللهِ ﷺ وأبو بكرٍ وعمرُ، وإذا عبدُ الله ذو البِجادَينِ المُزَنيُّ قَدْ مَاتَ، وإذا هم قد
(١) في م: "أعطته". (٢) في م: "شقه باثنين". (٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٢٨. (٤) في ي: "ليس له"، وفي هـ: "له ليس له". (٥) سيرة ابن إسحاق ص ٢٧٣، وسيرة ابن هشام ٢/ ٥٢٧، ٥٢٨. (٦) في غ: "بأني".