ومِن دُعابةِ عبدِ اللهِ بن حُذافةَ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أَمْرَهُ على سَرِيَّةٍ، فأمَرهم أن يجمَعوا حَطَبًا ويُوقِدوا نارًا، فلمَّا أوقَدوها أمَرهم بالتقَحُّمِ (١) فيها، فأَبَوا، فقال لهم: ألم يأمُرْكُم رسولُ اللهِ ﷺ بطاعَتي؟ وقال:"مَنْ أطاعَ أميري فقد أطاعَنِي؟ "، فقالوا: ما آمنَّا باللَّهِ واتَّبعنا رسولَه إِلَّا لنَنجو مِن النَّارِ، فَصَوَّبَ رسولُ اللهِ ﷺ فِعلَهم، وقال:"لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ"، قال اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] وهو حديثٌ صحيحُ الإسنادِ مشهورٌ (٢).
قال خليفةُ بنُ خَيَّاطٍ (٣): وفي سنةِ تسعَ عَشْرَةَ أَسرَتِ الرُّومُ عبدَ اللَّهِ بنَ حُذافةَ السَّهميَّ.
وقال ابن لَهيعةَ: تُوفِّي عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ السَّهميُّ بمِصرَ، ودُفِن
= البيهقي في السنن الكبير (٩٦٠٣) من طريق هشام، عن أبيه، عن المسور، عن عمر مقتصرًا على ذكر البيتين الأولين. (١) في م: "بالقحم". وقال سبط ابن العجميّ: "بخط كاتبه في هامشه: خرج البخاريّ في صحيحه أن الذي أمرهم بالتقحم في النار كان أنصاريًّا، وفي الحديث أنه غضب فأمرهم بذلك"، البخاريّ (٤٣٤٠، ٧١٤٥)، فتح الباري ٨/ ٥٨. (٢) حديث "من أطاع أميرى فقد أطاعني"، أخرجه البخاريّ (٧١٣٧)، ومسلم (١٨٣٥) عن أبي هريرة ﵁ دون ذكر سرية عبد الله بن حذافة، وأخرجه البخاريّ (٤٥٨٤)، ومسلم (١٨٣٤) عن ابن عباس يذكر سرية عبد الله بن حذافة، وفيها نزول آية "٥٩" من سورة النساء: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾، وحديث: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، أخرجه أحمد ٣٤/ ٢٥١ (٢٠٦٥٣) عن عمران بن حصين والحكم في قصة أخرى. (٣) تاريخ خليفة بن خياط ١/ ١٣٥.