فما مِثْلُه فيهم ولا كان قبلَه … وليس يكونُ الدَّهرَ ما دامَ يَذْبُلُ
ثمَّ شهِد الزُّبيرُ الجَملَ، فقاتَل فيه ساعةً، فناداه عليٌّ وانفرَد به، فذكَّرَه (١) أَنَّ رسولِ اللهِ ﷺ قال له، وقد وجَدهما يَضْحَكانِ بعضُهما إلى بعضٍ:"أمَا إنَّك ستقاتِلُ عليًّا وأنتَ له ظالمٌ"(٢)، فذكَر الزُّبيرُ ذلك، فانصرَف عن القتالِ فَاتَّبَعَه ابنُ جُرْمُوز عبدُ الله، ويُقالُ: عُميرٌ، ويُقالُ: عمرٌو (٣)، وقيل: عُمَيرةُ (٤) بنُ جُرْمُوزِ السَّعْديُّ، فقتَله بموضِعٍ يُعرَفُ بوادِي السِّباعِ (٥)، وجاء بسيفِه إلى عليٍّ، فقال عليٌّ ﵁: بَشِّرْ قاتلَ ابنِ صَفِيَّةَ بالنَّارِ، وكان الزُّبيرُ قد انصرَفَ عن القتالِ نادِمًا مُفارقًا للجماعةِ التي خرَج فيها، مُنْصَرِفًا إلى المدينةِ، فرآه ابنُ جُرمُوزٍ، فقال: أتَى يُؤَرِّشُ بينَ الناسِ ثمَّ ترَكَهم، واللهِ لا تركتُه (٦)، ثمَّ اتَّبَعَه، فلمَّا لحِقَ بالزُّبيرِ، ورأَى الزُّبيرُ أنَّه يريدُه أقبَلَ عليه، فقالَ له ابنُ جُرمُوزٍ: أذكِّرُك اللهَ، فكفَّ عنه الزُّبيرُ حتَّى فعَل ذلك مِرارًا، فقالَ الزُّبيرُ:
= والأثر أخرجه البخاري (٣٧١٧) عن خالد بن مخلد به، وأخرجه أحمد ١/ ٥٠٤ (٤٥٥)، والنسائي في الكبرى (٨١٥٢)، والحاكم ٣/ ٣٦٣ من طريق علي به. (١) في ي: "فذكر"، وفي هـ: "وذكر للزبير"، وفي غ م: "فذكر الزبير". (٢) أخرجه الحاكم ٣/ ٣٦٦، والبيهقي في دلائل النبوة ٦/ ٤١٤، ٤١٥. (٣) في م: "عمر". (٤) في خ بفتح العين، وفي حاشية ط: "في نسختين كما في الأصل وفي المنتسخ منه: عمرة". (٥) وادي السباع: موضع بين البصرة ومكة، مراصد الاطلاع ٢/ ٦٨٧، ٣/ ١٤١٧. (٦) في ط: "أتركنه".