فَقَالُوا: اقْتَسِمُوا, فَقَالَ الَّذِى رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِىَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَسْتَأْمِرَهُ (١) , فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرُوا (٢) لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ أَحْسَنْتُمْ, وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ بِسَهْمٍ". [خ ٢٢٧٦، م ٢٢٠١، ت ٢٠٦٤، جه ٢١٥٦، حم ٢/ ٣ - ٤٤]
===
(فقالوا: اقتسموا) أي: فيما بينهم. وفي رواية للبخاري (٣): "فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا"، ولعل بعضهم قالوا بالاقتسام بينهم، وبعضهم كرهوا ذلك (فقال الذي رَقِيَ: لا تفعلوا) شيئًا من الاقتسام والرد على سيد الحي (حتى نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنستأمره) أي: نستفتيه.
(فغدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا له) ذلك (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أين علمتم أنها رقية؟ أحسنتم، واضربوا لي معكم بسهم)، وقال هذا القول تطييبًا لقلوبهم، ولبيان أنه حلال طيب.
قال الخطابي (٤): ومن هذا بيان جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ولو كان ذلك محرمًا لأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - برد القطيع، فلما صوَّب فعلهم، وقال لهم:"أحسنتم"، ورضي الأجرة التي أخذها لنفسه، فقال:"اضربوا لي معكم بسهم" ثبت أنه طِلْق مباح، انتهى.
وقال المانعون: إن التطبب بالقرآن وأخذَ الأجرة عليه حلال، وأما قراءة القرآن وأخذُ الأجرة على تعليمه غير جائز, لأنه عبادة وأخذ الأجرة على العبادة لا يجوز.
وحجة المانعين حديث عبادة المتقدم، وحديث: "اقرأوا القرآن ولا تأكلوا
(١) في نسخة: "فنسأله". (٢) زاد في نسخة: "ذلك". (٣) "صحيح البخاري" (٥٧٣٧). (٤) "معالم السنن" (٣/ ١٠١).