اتفقت الأمة خلا الروافض (١) وأجمعت الأئمة (٢) على جواز المسح على الخفين، وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة، قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يمسح على الخفين، أخرجه عنه ابن أبي شيبة.
وقال الحافظ في "الفتح"(٣): وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر، وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين، منهم العشرة، ولهذا رآه أبو حنيفة من شرائط السنَّة والجماعة، فقال فيها: أن تفضِّل الشيخين، وتحب الختنين، وأن ترى المسح على الخفين. وروي عنه أنه قال: ما قلت بالمسح حتى جاءني فيه مثل ضوء النهار، فكان الجحود ردًا على كبار الصحابة ونسبتهم إلى الخطأ، فكان بدعة، فلهذا قال الكرخي: أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين، وروي عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - أنه قال: لولا أن المسح لا خلف فيه ما مسحنا، ودل قوله هذا على أن خلاف ابن عباس لا يكاد يصح، وقد نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف؛ لأن كل من روي عنه منهم إنكاره فقد روي عنه إثباته (٤).
(١) والخوارج وابن داود، فقالوا: لا يجزئ المسح عن غسل الرجين. (ش) ["ابن داود" كذا في الأصل، والصواب "الإمامية" كما في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٣٨)]. (٢) لا يصح خلاف مالك، بسطه ابن العربي (١/ ١٤١). (ش). (٣) انظر: "فتح الباري" (١/ ٣٠٥). (٤) وفي "السعاية" (١/ ٥٦٥): هناك بحث أصولي، وهو أن الأصل في رخصة الإسقاط أنه لا يجوز فعل الأصل كالصلاة تمامًا في السفر، والأفضل هناك عند الجمهور =