قد ثبت في الأحاديث (١): أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كن متمتعات إلَّا عائشة - رضي الله عنها -، فإنها كانت أحرمت بالعمرة فأصابتها الحيض بسرف، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برفضِ العمرةِ والإحرامِ بالحج المفرد، فصارت مفردة ثم حجت، فلما فرغت منها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعتمر، فأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، فصارت هذه العمرة التي اعتمرها من التنعيم قضاء للعمرة التي رفضتها لأجل الحيض، فكان الذي ذبح عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم جناية لرفض العمرة.
وأما الأزواج الآخر غير عائشة - رضي الله عنها - فلما كانت متمتعات وجب عليهن دم التمتع وهو دم شكر، هذا على قول الحنفية.
وأما على قول الشافعية وغيرهم فإن عائشة - رضي الله عنها - لما حاضت ما رفضت العمرة، ودخلت أفعال العمرة في أفعال الحج وصارت قارنة، ولهذا قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغت من الحج:"يسعكِ طوافكِ لحجكِ وعمرتكِ"، وعلى هذا كان الدم الذي ذبح عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم شكر (٢).
(١٤)(بابٌ: في الإشْعَارِ)(٣)
وهو أن يشق أحد جنبي سنام البعير حتى يسيل دمها لِيُعرَف أنها هدي
= في "المحلى" (٥/ ١٥٥) أنها تكفي عشرة، وسيأتي جواب الشيخ تحت "باب إفراد الحج"، ويظهر من كلام ابن القيم (٢/ ٢٦٦) أن مقتضاه هذا، لكن أحاديث اشتراك سبع أصح، ولم يتعرض عن ذلك النووي. (ش). (١) انظر: "صحيح مسلم" (١٢١١). (٢) وهل أكل عليه الصلاة والسلام من لحم البقر؟ ظاهر رواية البخاري في قصة أخرى أكله. (ش). (٣) فيه أبحاث في "الأوجز" (٧/ ٥١٤)، الأول: في تفسيره، فقيل: إعلام بالهدي بأي شيء كان، وقيل: إدماء بجرح، والثاني: في حكمه، فالجمهور على أنه سنة، وقال الصاحبان: حسن، وقال الإِمام: مكروه لمعارضة النهي عن المثلة، والترجيح =