كتب (٢) مولانا محمد يحيى المرحوم: أراد بذلك أنهم لا يضيفوننا ولا يبيعون منا، بل يغلقون الدكاكين والأسواق حتى نبقى جياعًا، وكانت أهل الذمة تفعل ذلك عنادًا، ومعنى قوله:"فخذوا منهم حق الضيف" أي: بالقيمة، وأما ما قيل: إن الضيافة كانت حقًا على الذميين داخلة في العهد، فالمراد به الأخذ من غير قيمة، ففيه أنه لم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل إنما فعله عمر - رضي الله عنه -، فلا يتمشى هذا التوجيه في رواية أبي داود هذه، انتهى.
(فما ترى؟ فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف)(٣) من قراكم (فاقبلوا، فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم).
(١) زاد في نسخة: "قال أبو داود: وهذا حجة للرجل يأخذ الشيء إذا كان له حقًا". (٢) وحكاه القاري عن الترمذي وغيره. [انظر: "عمدة القاري" (٩/ ٢١٣، ٢١٤)]. (ش). (٣) أجاب الحافظ في "الفتح" (٥/ ١٠٨) عن هذا الحديث بأجوبة تقدمت آنفًا ملخصًا. (ش). (٤) اعلم أن حق الضيف كان واجبًا في أول الإِسلام، ثم نسخ ذلك بآية النساء: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ... الآية. فحرم الأكل من مال الغير بغير إذنه وإن كان ضيفًا، لكن بعد نزول هذه الآية صار بعض الناس يجتنبون أكل مال الغير مطلقًا، وإن =