إلاّ بحبلٍ من الله} (٢١) ، أراد: إلا أن يعتصموا بعهد من الله. فأضمر الفعل، (٣٠٧) وأقام " الحبل " مقام " العهد ". وقال الشاعر:
(فلو حبلاً تناول من سُلَيْم ... لَمَدَّ بحبلِها حبلاً متينا)(٢٢)
أراد بالحبل: العهد. وقال الآخر:(٢٣)
(وإذا تُجَوِّزُها حِبالُ قبيلةٍ ... أَخّذَتْ من الأُخرى إليكَ حِبالَها)
أراد بالحبال: العهود، و " السبب " المذكور في القرآن هو " الحبل "، سماه الله - عز وجل - " سبباً "، لأنه يُوصل مَنْ تَمّسَّك به إلى الأمر الذي يَؤمُّهُ. وكذلك: الأسباب المعروفة / هي وُصلات وأسباب تَصِلُ شيئاً بشيء. ٢٢١ / أ
يقال: فلانٌ سببُ فلان، يراد به: مُوصِلُه، وعاقدُ الأمر بينه وبينه. قال الله عز ذكره:{وتَقَطَّعَتْ بهم الأسبابُ}(٢٤) ، فمعناه: الوصلات التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا، وتنعقِدُ المودّات بينهم من أجلها.
٧٧٧ - وقولهم: رجلٌ واشٍ
(٢٥)
قال أبو بكر: في الواشي ثلاثة أقوال:
أحدهن أنَّهُ سُمي: واشياً، لاستخراجه الأخبار، وتوصُّله إلى معرفتها وإشاعتها. من قول العرب: فلان يستوشي الخبر: إذا كان يستخرجه. قال الشاعر:(٢٦)
(يُوشُونهُنَّ إذا ما آنسوا فَزَعاً ... تحت السَّنَوَّر بالأعقاب والجذَم)(٣٠٨)
(٢١) آل عمران ١١٢. (٢٢) لم أقف عليه. (٢٣) الأعشى، ديوانه ٢٤. (٢٤) البقرة ١٦٦. (٢٥) اللسان (وشي) . (٢٦) ساعدة بن جؤية، ديوان الهذليين ١ / ٢٠٣، وفيه: إذا ما نابهم فزع. والسنور: ما عمل من حلق الحديد من درغ أو مغفر. والجذم: السياط. وينظر شرح القصائد السبع ٨٥، وإصلاح المنطق ٤٣٣.