من ذلك الحديث المروي:(نَهى أنْ تُصْبَرَ البهيمة ثم تُرمى حتى تُقْتَل)(٢) .
ومنه الحديث الآخر:(نَهَى رسول الله عن قتلِ شيءٍ من الدوابِّ صبراً)(٣) .
ومنه الحديث الآخر:(أنّ رجلاً أمسكَ رجلاً، وقتله آخر، فقال رسول الله اقتلوا القاتلَ، واصبروا الصابِرَ)(٤) . فمعناه: واحبسوه حتى يموت كما حبس الذي مات قبله.
ومن ذلك الصوم، سمي صبراً، لأنه حَبْسٌ للنفس عن المطاعم، والنكاح، والملتذ من الشهوات، قال الله، تبارك وتعالى:{واستعينوا بالصبرِ والصلاةِ وإنّها لكبيرةٌ إلاّ على الخاشعين}(٥) . وأخبرنا عبد الله بن محمد (٦) قال: حدثنا يوسف القطّان (٧) قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح، أو غيره، عن مجاهد في قوله:{واستعينوا بالصبر والصلاة} قال: الصبر: الصوم (٨) ويقال: صبرت نفسي على الأمر: إذا حبستها عليه. قال الشاعر (٩) :
(فصبرتُ عارفةً لذلك حُرَّةً ... ترسو إذا نفسُ الجبانِ تَطَلَّعُ)
ويقال: نفس صابرة، وصبور؛ وعارفة، وعروف: بهذا المعنى. أنشدنا أبو العباس:
(١) ينظر: اللسان (صبر) . (٢) في الفائق ٢ / ٢٧٦. والنهاية ٣ / ٨: (نهى عن المصبورة) . (٣، ٤) غريب الحديث ١ / ٢٥٤. (٥) البقرة ٤٥. (٦) عبد الله بن محمد بن ناجية، ت ٣٠١ هـ. (المنتظم ٦ / ١٢٥. هدية العارفين ٤٤٣ / ١) . (٧) يوسف بن موسى القطان الكوفي. ت ٢٥٣ هـ. (تهذيب التهذيب ١١ / ٤٢٥. خلاصة تذهيب الكمال ٣ / ١٩٠) . (٨) ينظر: تفسير الطبري ١ / ٢٥٩. (٩) عنترة: ديوانه ٢٦٤.