قال أبو بكر: معناه: قد قد قارب الهلاك ولم يهلك. فإذا قال: ما كاد فلان يقوم (٢٥٧) ، فمعناه: قام بعد إبطاء. وكذلك: كاد يقوم، معناه: قارب القيام، ولم يقم. قال الله عز وجل:{فذبحوها وما كادوا يفعلون}(٢٥٨) معناه: فذبحوها بعد إبطاء. وإنما أبطأوا في ذبحها لغلائها. وذلك أن الذي أصابوها عنده قال: لا أبيعكم البقرة إلا بملءِ مَسْكِها ذهباً، أي: بملء جلدِها.
ويقال: إنّما أبطأوا في ذبحها، لأنه لم يَتَسَهَّل لهم وجودها، لأنهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم.
ويقال: إنما أبطأوا في ذبحها، لأنهم كرهوا أن يفتضح القاتل. وقال قيس بن الملوح (٢٥٩:
(فلا تتركي نفسي شعاعاً فإنّها ... من الوجدِ قد كادَتْ عليكِ تذوبُ)
معناه: قد قاربت أن تذوب، ولم تذب. وقال الله عز وجل:{يتجرَّعه ولا يكادُ يُسِيغُهُ}(٢٦٠) فمعناه: يسيغه بعد إبطاء.
ويجوز أن يكون معنى قول الرجل: ما كاد فلان يقوم: ما يقوم فلان. ويكون " كاد " صلة للكلام. أجاز ذلك الأخفش وقطرب والسجستاني (٢٦١) . واحتج قطرب (٩١) بقول الشاعر:
(شريعٌ إلى الهيجاءِ شاكٍ سلاحُهُ ... فما إنْ يكادُ قِرْنُهُ يَتَنَفَّسُ)(٢٦٢)
(٢٥٦) التهذيب ١٠ / ٣٢٩. وينظر: تحقيق معنى (كاد) لابن كمال باشا. (٢٥٧) ك: ما قام فلان ولا كاد يقوم. (٢٥٨) البقرة ٧١. (٢٥٩) ديوانه ٥٧. و (قيس بن الملوح) ساقط من ك. وينسب إلى ابن الدمينة في ديوانه ١٠٤. وقد سلف مع آخرين ١ / ٣٦٣. (٢٦٠) إبراهيم ١٧. (٢٦١) اللسان (كيد) . (٢٦٢) بلا عزو في الأضداد ٩٧.