قال أبو بكر: قال اللغويون: الصواب وما تتكلم به العرب: يُصيبُ وما يدري، ويخطىء ما درى، أي: ما ختل، من قولهم: دريت الظباء أدريها دَرْياً: إذا ختلتها. ومن هذا قولهم: قد داريت الرجل (٣٤٣) : إذا لاينته وختلته، أُداريه مداراة: أنشدنا أبو العباس:
(فإنْ كنتُ لا أدري الظباءَ فإنّني ... أَدُسُّ لها تحتَ التراب الدواهيا)(٣٤٤)
وقال الآخر (٣٤٥) :
(فإن كنت قد أقصدتِني أو رمَيْتني ... بسهمِكِ فالرامي يُصيبُ وما يدري)
ويقال: دارأت الرجل: إذا دافعته ونازعته. وقد تدارَؤا تدارؤاً، وادَّارؤا: إذا اختلفوا وتنازعوا. قال الله تبارك وتعالى:{وإذْ قتلتُمْ نَفْساً فادَّارأْتُم فيها}(٣٤٦) . وقالت الحكماء:(لا تتعلموا العلم لثلاث، ولا تتركوه لثلاث: لا تتعلموه للتداري، ولا للتماري، ولا للتباهي؛ ولا تدعوه رغبة عنه، ولا رضا بالجهل منه، ولا استحياء من التعلم له)(٣٤٧) . فالتداري هو التنازع والتدافع. والأصل فيه: للتدارىء، فتُرك الهمز، ونُقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي.
ويقال: قد دريت الشيء أدريه: إذا عرفته. وأدريته غيري: إذا أعلمته. قال الله تبارك وتعالى:{وما أدْراك ما الحُطَمَةُ}(٢٤٨) . فتأويله: أيّ شيء أعلمك ما (٢٠٧) الحطمة؟
(٣٤٢) الأمثال لأبي عكرمة ٤٢. (٣٤٣) سلف القول في ص ٥٣، وشرحه ثمة. (٣٤٤) سف البيت في ص ٥٣، وشرحه ثمة. (٣٤٥) الأخطل، ديوانه ١٢ {صالحاني) ١٧٩ (قباوة) . (٣٤٦) البقرة ٧٢. (٣٤٧) اللسان (درأ) . (٣٤٨) الهمزة ٥.