قال أبو بكر: معنى هلم: أَقْبِل. وأصله: أُمَّ يا رجل، أي اقصِدْ، فضموا " هل " إلى أُمَّ "، وجعلوهما حرفاً واحداً، وأزالوا " أُمَّ " عن التصرف، وحولوا ضمة همزة " أُمّ " إلى " اللام " وأسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام. هذا مذهب الفراء.
ويقال للرجلين، وللرجال، وللمؤنثة، وللمؤنثات: هَلُمَّ يا رجلان، وهلم يا رجال، وهلم يا امرأة، وهلم يا نسوة، فيُوَحَّد " هَلُمَّ " لأنه مزال عن تصرف الفعل، فشُبِه بالأدوات كقولهم: صَهْ، ومَهْ، وإيهٍ، وإيهاً، وكل حرف من هذه لا يُثنى، ولا يُجمع، ولا يُؤنث. قال الله عز وجل:{والقائلينَ لإِخوانِهم هَلُمَّ إلينا}(٤٨) .
وحدثنا إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة (٤٩) عن مالك (٥٠) عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي [قال] : (ليُذادَانَّ رجالٌ عن حوضي كما يُذاذُ البعيرُ الضالُّ، فأُناديهم: ألا هَلُمَّ هَلُمَّ، فيقال: إنّهم قد بدَّلوا فأقول: فسحقاً فسحقاً فسحقاً)(٥١) . قال الشاعر (٥٢) :
(وكان دعا دعوةً قومَهُ ... هَلُمَّ لى أمركم قد صُرِمْ)(٢٦٦)
(٤٧) ينظر في (هلم) : الكتاب ٢ / ١٥٨. المقتضب ٣ / ٢٥، ٢٠٢، البيان في غريب اعراب القرآن ١ / ٣٤٨. واللباب في علل البناء والاعراب ق ١٢٥. التبيان في اعراب القرآن ٥٤٦ - ٥٤٧. شرح المفصل ٤ / ٤١، همع الهوامع ٢ / ١٠٦. وقد حكى الأزهري ما قال أبو بكر في التهذيب ٦ / ٣١٧. وينظر ما سلف في قولهم (هلم جرا) ١ / ٤٧٦. (٤٨) الأحزاب ١٨. (٤٩) عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، ت ٢٢١ هـ. (تهذيب التهذيب ٦ / ٣١. خلاصة تذهيب الكمال ٢ / ١٠٠) . (٥٠) مالك بن أنس، سلفت ترجمته. (٥١) صحيح مسلم ٢١٨ والفائق ٤ / ١٠٨. و (فسحقا) الثالثة من ك. (٥٢) الأعشى، ديوانه ٣٤ وفيه: رهطه دعوة. وقد سلف في ١ / ٤٧٧.