ويقال للدية: غير، لأنها تغير من القود إلى الرضا بها، فسميت غيراً لذلك.
ومن ذلك الحديث الذي يُروى:(أن رجلاً قُتِلَ له حميمٌ، فطالب بالقَود، فقال له رسول الله: ألا تقبل الغِيَرَ؟)(٥٨) .
ومن ذلك حديث عمر وعبد الله [بن مسعود] : (أن امرأةً قُتِلَتْ، فعفا بعضُ أوليائها، وأقام بعضهم عل المطالبة بالقَوَد. فأراد عمر أن يقيدَ مَنْ لم يعفُ، فقال له عبد الله: لو غَيَّرْتَ بالدية، كان في ذلك وفاء لِمَنْ [لم] يعفُ، وكنتَ قد أَتْمَمْتَ للعافي عَفْوَهُ. فقال عمر: كُنَيْفٌ مُلئَ عِلماً)(٥٩) . فالكنيف تصغير " الكنف "، وهو الوعاء. وهذا التصغير معناه التعظيم، كما قال لبيد (٦٠) :
(وكلُّ أناسٍ سوفَ تدخلُ بينهم ... دُوَيْهِيَهٌ تَصْفَرُّ منها الأنامِلُ)
فصغّر الداهية تعظيماً (٦١) لها. وقال أبو محمد الفقعسي (٦٢) :
(يا جُملُ أسقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ ... )
(والدِّيَمُ الغاديةُ الفضافِضُ ... )
فصغر البرق على جهة التعظيم له. وقال الآخر (٦٣) حجة لأن (٦٤) الغِير: الدية: (٣١٤)
(٥٧) عجزة فقط في اللسان (غير) بلا عزو. (٥٨) غريب الحديث ١ / ١٦٨. (٥٩) غريب الحديث ١ / ١٦٩. (٦٠) ديوانه ٢٥٦. وينظر القلب والإبدال (الكنز اللغوي) ١١، وشرح المفضليات ٧٦٦، والأضداد ٢٩٢. وهما له مع آخر في اللسان (نضض) والأول. (٦١) ك، ل: معظما. (٦٢) الأول فقط بلا عزو في مقاييس اللغة ٤ / ١٨٨. وهما له مع آخر في اللسان (نضض) والأول مع آخرين له أيضاً فيه (عرض) . (٦٣) بعض بني عذرة في غريب الحديث ١ / ١٦٩، وفي ك، ل: بني أمية. وهي رواية أخرى.