قال أبو بكر: فيه ثلاثة أقوال: قال أبو عبيد (٢٣١) : إنما قيل له: منافق،
(٢٣٠) لأنه نافق كاليربوع. يقال: قد نافق اليربوع، ونفّق: إذا دخل نافِقاءه، قال: وله جحر آخر يقال له (٢٣٢) : القاصِعاء، فإذا طُلِبَ من النافِقاء قَصَعَ فخرج من القاصِعاء، وإذا طلب من القاصِعاء نَفَقَ فخرج من النافِقاء. قال: فقيل له منافق لأنه يخرج من الإسلام من غير الوجه الذي دخل منه. وقال آخرون: المنافق مأخوذ من النفق، وهو السَرَبُ. أي: يتستر بالإِسلام كما يتستر الرجل في السرب. قال الله - عز وجل -: {فإنْ استطعتَ أنْ تبتغي نَفَقاً في الأرضِ [أو سلما في السماء] } (٢٣٣) ، أي: سَرَباً في الأرضِ، قال الشاعر (٢٣٤) : (إن اللئيمَ وإنْ أراكَ بشاشةً ... فالغيبُ منه والفعالُ لئيمُ) (وإذا اضطررتَ إلى لئيمٍ فاتخذْ ... نَفَقاً كأنَّكَ خائفٌ مهزومُ) ويقال في جمع النفق: أنفاق. قال الشاعر: (ودسَّ لها على الأنفاقِ عَمْراً ... بشكته وما خَشِيَتْ كَمِينا) (٢٣٥) وقال قوم: المنافق (٢٣٦) مأخوذ من النافقاء، وهو جُحْر يخرقه اليربوع من داخل الأرض، فإذا بلغ إلى جلدة الأرض، أرقَّ [التراب] ، حتى إذا رابه رَيْب، دفع التراب برأسه وخرج. فقيل للمنافق: منافق، لانه يُضمر غير ما يُظهر، بمنزلة النافِقاء: ظاهره غير بيِّن، وباطنه حفر في الأرض. (٢٣٠) غريب الحديث لابن قتيبة ١ / ٩٤. (٢٣١) غريب الحديث ٣ / ١٣. (٢٣٢) (له) ساقطة من ك، ق. (٢٣٣) الأنعام ٣٥. (٢٣٤) لم أهتد إليه. (٢٣٥) لعدي بن زيد ديوانه: ١٨٣. (٢٣٦) ك، ق: المنافقون.