/ قال أبو بكر: معناه: على ما يسوءُه ويميله ويثقله. قال الله عز وجل:(١٨٠ / ب){وآتيناهُ من الكنوزِ ما إنّ مفاتِحَهُ لتنوءُ بالعُصْبَةِ أُولي القُوَّةِ}(١٩٦) فمعناه (١٩٧) : وإنّ مفاتحه لتُنِيءُ العصبة، أي: تثقلهم وتميلهم. فلما دخلت الباء في العصبة، انفتحت التاء، كما تقول: هو يَذهب بالأبصار، وهو يُذْهِب الأبصار. قال الفراء (١٩٨) : أنشدني بعض العرب في صفة قوس:
(حتى إذا ما التأَمَتْ مواصِلُهُ ... )
(وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهْ ... )(١٩٩)
يعني الرامي، وأنه لمّا أخذ القوس ونزع مال عليها.
وقال الفراء: إنما حذفوا الألف فقالوا: على ما ساءه وناءه، ولم يقولوا: ساءه وأناءه، ليزدوج الكلام، فيكون: ناء، على مثال: ساء، كما قالوا: أكلت طعاماً فهنأني ومرأني، فلم يأتوا بالألف في: أمرأني، ليزدوج مع " هنأني ". ولو أفردوه، لأدخلوا فيه الألف، فقالوا: أمرأني الطعام، ولا يقولون: مرأني.
وقال أبو عبيدة (٢٠٠) : معنى قوله: {ما إنّ مفاتحه لتنوء بالعصبة} : ما إنّ العصبةَ لتنوء بمفاتحه، فقدَّم وأَخَّر، كما قال الشاعر:(٥٧٢)
(إنّ سراجاً لكريمٌ مَفْخَرُه ... )
(تحلى به العينُ إذا ما تَجْهَرُه ... )(٢٠١)
أراد: يَحْلَى بالعينِ، فقدّم وأخّر. ومعنى قول أبي عبيدة: ما إنّ العصبة لتنوء بمفاتحه: / لتنهض بمفاتحه. يقال: نُؤْتُ (٢٠٢) بالشيء: إذا نهضت به. (١٨١ / أ)
(١٩٥) إصلاح المنطق ١٤٧، أمثال أبي عكرمة ٤٧. (١٩٦) القصص ٧٦. (١٩٧) ك: معناه. (١٩٨) معاني القرآن ٢ / ٣١٠، وشرح الآية له أيضاً. (١٩٩) بلا عزو في معاني القرآن ٢ / ١٣٠. وفي الأصل: مفاصله. وما أثبتناه من سائر النسخ. (٢٠٠) مجاز القرآن ٢ / ١١٠. (٢٠١) بلا عزو في معاني القرآن: ١ / ٩٩، ١٣١ و: ٢ / ٣١٠ و: ٣ / ٢٧٣ والأضداد: ١٤٥. (٢٠٢) وهو من الأضداد، الأضداد ١٤٤.