قال أبو بكر: في المؤونة ثلاثة أقوال: يجوز أن تكون مأخوذة من: مُنْتُ الرجل: إذا عُلْتَهُ. سمعت أبا العباس يذكر هذا. فإذا كانت مأخوذة من: مُنْتُ، فالأصل فيها: مَوُونة، بغير همز، فلما انضمت الواو همزت؛ كما قالوا: هو قؤول للخير، وفلان صؤول على فلان، وفلان نؤوم من النوم. قال امرؤ القيس (٨٢) :
(ويُضحِي فَتِيتُ المسكِ فوقَ فراشِها ... نَؤومُ الضحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّلِ)
والقول الثاني (٨٣) : أن تكون المؤونة مأخوذة من الأَوْن، والأون: السكون والدَّعة. قال الراجز:(٣٥٧)
(غَيَّرَ يا بنتَ الحُلَيْسِ لوني ... )
(مَرُّ الليالي واختلافُ الجونِ ... )
(وسَفَرٌ كانَ قليلَ الأَوْنِ ... )(٨٤)(٩٨ / أ)
معناه: قليل الراحة والدعة. / فإذا قيل: فلان عظيم المؤونة، فمعناه على هذا التفسير: عظيم التسكين والتوديع لأهله وعياله.
والقول الثالث (٨٥) : أن تكون المؤونة مأخوذة من الأَيْن، والأَيْن: التعب
(٨١) الأضداد: ١٣٠ - ١٣١ الفاخر ١٢٨، اللسان (أون) . (٨٢) ديوانه ١٧. (٨٣) ينظر: شرح الشافية ٢ / ٣٤٩. (٨٤) الأبيات بلا عزو في الأضداد: ١١٣، وشرح القصائد السبع: ٤٦١، وإصلاح المنطق: ٣٦٣، وأضداد الأصمعي ٣٦. (٨٥) وهو قول الفراء كما في شرح الشافية ٢ / ٣٥٠.