الأولى (ركعتين ثم سلَّم، فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم) أي وجاه العدو (ثم جاء أولئك) أي الطائفة الثانية (فصلوا خلفه، فصلَّى بهم ركعتين ثم سلَّم، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين).
قال القاري (١): هذا على مذهبنا مشكل جدًا، فإنه لو حمل على السفر لزم اقتداء المفترض بالمتنفل، وإن حمل على الحضر يأباه السلام عند رأس كل ركعتين، اللَّهُمَّ إلا أن يقال: هذا من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم -، وأما القوم فأتموا ركعتين أخريين بعد السلام، وقال الطحاوي: إنه كان في وقت كانت الفريضة تصلَّى مرتين، انتهى.
قلت: وعبارة الطحاوي (٢) هكذا: ولا حجة لهم- عندنا- في هذه الآثار, لأنه يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها كذلك, لأنه لم يكن في سفر يقصر في مثله الصلاة، فصلَّى بكل طائفة ركعتين، ثم قضوا بعد ذلك ركعتين ركعتين، وهكذا نقول نحن: إذا حضر العدو في مصر، فأراد أهل ذلك المصر أن يصلوا صلاة الخوف فعلوا هكذا، يعني بعد أن تكون تلك الصلاة ظهرًا أو عصرًا أو عشاء، فإن قالوا: القضاء ما ذكر، قيل لهم: قد يجوز أن يكونوا قد قضوا ولم ينقل ذلك في الخبر، وقد يجيء في الأخبار مثل هذا كثيرًا، وإن كانوا لم يقضوا، فإن ذلك- عندنا- لا حجة لهم فيه أيضًا لأنه يجوز أن يكون ذلك كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والفريضة [تصلى]- حينئذ- مرتين، فيكون كل واحد منهما فريضة، وقد كان ذلك يفعل في أول الإِسلام، ثم نسخ، انتهى.
فإن قلت: أبو بكرة هذا متأخر الإِسلام، فإنه أسلم بالطائف.