معناه: إلا ان بها يعافيرَ وعيساً. فاستثناهما، وليس فيهما ما يؤنس به، للعلة المتقدمة.
وقال بعضهم: ما رخص الله تعالى في " اللمم " بل هو معطوف على الكبائر، و " إلا " معناها " الواو "، والتقدير: يجتنبون كبائر الإِثم، والفواحش، (٤٠٥) واللمم. فنابت " إلا " عن " الواو ". واحتجوا بقول الشاعر (٣٠٨) :
(وكلُّ قرينةٍ قُرِنَتْ بأُخْرَى ... وإنْ ضَنَّتْ بها ستَفَرَّقانِ)
أراد: والفرقدان.
وقال الفراء (٣٠٩) : معناه يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، إلا المُتقارِب من صغير الذنوب. وحُكِي عن بعض العرب: ضَرَبَهُ ما لَمَمَ القتل، أي: ضربة ضربا متقاربً (٣١٠) للقتل. وأنكر أن يكون " إلا " بمعنى " الواو "(٣١١) ، لأنه لم يتقدمها استثناء، ولم تدع ضرورة إلى نقلها عن المعنى المشهور إلى غيره.
وقال غير الفراء في قول الشاعر: إلا الفرقدان: هو استثناء صحيح، لا يراد به: والفرقدان. واحتجو بأن الشاعر قال هذا على مبلغ علمه، وحسب معرفته. وقد كان يظن، لجهله، أن الفرقدين لا يفترقان، فبنى شعره على ذلك. الدليل على ذلك (٣١٢) قول زهير (٣١٣) :
(٣٠٧) بلا عزو في الكتاب ١ / ١٢٣، ومعاني القرآن ١ / ٤٧٩، و ٢ / ١٥ و ٣ / ٢٧٣، وهما من رجز نسبه البغدادي في الخزانة ٤ / ١٩٧، إلى جران العود، وهو في ديوانه ٥٢ وفيه: بسابسا ليس به أنيس. (٣٠٨) عمرو بن معد يكرب، الأول في ديوانه ١٨ (بغداد) ١٦٧ (دمشق) . وأخلت الطبعتان بالثاني. (٣٠٩) معاني القرآن ٣ / ١٠٠. (٣١٠) من ل وهي مطابقة لرواية الفراء، وفي الأصل: مقاربا. (٣١١) لم يشر الفراء إلى ذلك في المعاني. (٣١٢) ك: على هذا.