عن رِجَالٍ (١) مِنَ الأَنْصَارِ، أَنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لِلْيَهُودِ (٢)، وَبَدَأَ بِهِمْ:"يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا"، فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلأَنْصَارِ:"اسْتَحِقُّوا"، فَقَالُوا: نَحْلِفُ عَلَى الْغَيْب يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دِيَةً عَلَى يَهُودَ، لأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ. [ق ٨/ ١٢١]
===
عن رجال من الأنصار، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود، وبدأ بهمِ: يحلِف منكم خمسون رجلًا، فَأبوا، فقال للأنصار: استحقّوا) دمَ قتيلكم بأيمانكم (فقالوا: نحلِف على الغيب) أي كيف نحلف أو بتقدير استفهام (يا رسول الله؟ ) فأنكروا الأيمان (فجعلها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ديةً على يهودَ) أي أوجب الديةَ على اليهود (لأنه وُجِد) أي القتيلُ (بين أظهُرِهم).
وقد تقدم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَعطى ديتَه من عنده مائةً من إبل الصدقة. ووقع في رواية النسائي (٣): فقَسَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ديتَه عليهم وَأَعانَهم بنِصْفها.
قلت: ولم أَرَ أحدًا كَتَبَ هذا البحث مفصلًا من بيان المذاهب، والجمعَ بين الاختلافات الواقعة في الروايات مثل ما كَتَب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه وشيخنا - رحمه الله-، فأُحِبُّ أن أذكُرَها لينتفع بها الطالبون والمدرسون. قال (٤):
"باب القسامة": المذهب فيه معلوم، وهو استحقاق القَوَد يحلف
(١) في نسخة: "رجل". (٢) في نسخة: "اليهود". (٣) "سنن النسائي" رقم (٤٧٢٠). (٤) أي في تقرير "الترمذي"، فإنه بسط فيه المذاهب، وحاصله: أن الإيمانَ عندنا على المدعى عليهم يخيرهم الولي، فإن حَلَفوا أوَجَبت الديةُ عليهم، وإن نَكَلوا حُبِسوا حتى يحلِفوا. وعند الشافعية: إن كان هناك لَوْثٌ، يبدأ بأيمان الأولياء، فإن حَلَفوا وَجَبت الدية على المدعى عليهم، سواء العمد والخطأ، وإن نكلوا يحلف المدعى عليهم فإن حَلَفوا برأوا، وإن نَكَلوا وجبتِ الديةُ عليهم، انتهى.